يسجدان : يخضعان لتدبيره تعالى .
2- { وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ } .
النجم المرتفع في السماء يدور في مداره ، ويخضع لنظام القدرة الإلهية التي تمسك بزمام السماء ، والشجر خاضع لقدرة الله الذي يسَّر للشجر الماء والهواء والفضاء ، والشمس والقمر ، والليل والنهار ، أي أن السماء العالية ونجومها الزاهرة ، والأرض المنبسطة وأشجارها الخضراء ، يسجدان لله خاضعين لقدرته .
قال تعالى : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ . . . }( الحج : 18 ) .
وقيل : المراد بالنجم : النبات الذي لا ساق له والشجر : الذي له ساق ، ينقادان لقدرة الله تعالى ، فإنَّ ظهورهما بشكل معين ولأجل معين ، وجعلهما غذاء للإنسان ، ومتعة له شكلا ولونا ، ومقدارا وطعما ورائحة ، انقياد لقدرة الله تعالى .
" والنجم والشجر يسجدان " قال ابن عباس وغيره : النجم ما لا ساق له والشجر ما له ساق ، وأنشد ابن عباس قول صفوان بن أسد التميمي :
لقد أَنْجَمَ القاعُ الكبيرُ عِضَاهَهُ *** وتَمّ بِهِ حيَّا تميم ووائلِ
مُكَلَّلٌ بأصولِ النَّجْمِ تَنْسِجُهُ *** ريحُ الجَنُوبِ لضَاحِي مائه حُبُكُ
واشتقاق النجم من نجم الشيء ينجم بالضم نجوما ظهر وطلع ، وسجودهما بسجود ظلالهما{[14506]} ، قاله الضحاك . وقال الفراء : سجودهما أنهما يستقبلان الشمس إذا طلعت ثم يميلان معها حتى ينكسر الفيء . وقال الزجاج : سجودهما دوران الظل معهما ، كما قال تعالى : " يتفيأ ظلاله{[14507]} " [ النحل : 48 ] . وقال الحسن ومجاهد : النجم نجم السماء ، وسجوده في قول مجاهد دوران ظله ، وهو اختيار الطبري ، حكاه المهدوي . وقيل : سجود النجم أفوله ، وسجود الشجر إمكان الاجتناء لثمرها ، حكاه الماوردي . وقيل : إن جميع ذلك مسخر لله ، فلا تعبدوا النجم كما عبد قوم من الصابئين النجوم ، وعبد كثير من العجم الشجر . والسجود الخضوع ، والمعني به آثار الحدوث ، حكاه القشيري . النحاس : أصل السجود في اللغة الاستسلام والانقياد لله عز وجل ، فهو من الموات كلها استسلامها لأمر الله عز وجل وانقيادها له ، ومن الحيوان كذلك ويكون من سجود الصلاة ، وأنشد محمد بن يزيد في النجم بمعنى النجوم قال{[14508]} :
فباتت تَعُدُّ النجم في مُسْتَحِيرَةٍ *** سريعٍ بأيدي الآكلين جُمُودُهَا
قوله : { والنجم والشجر يسجدان } المراد بالنجم ، ما نجم ، أي ظهر ، من النبات على غير ساق وذلك كالبقول{[4417]} . أما الشجر ، فهو الذي له ساق من النبات . وهما كلاهما { يسجدان } أي ينقادان لله فيما خلقا له . فانقيادهما لأمره ليكونا على الكيفية التي ذرأهما الله عليها هو المراد بسجودهما ، أو أنهما يسجدان على هيئة أو كيفية لا يعلمها إلا الله .