معاني القرآن للفراء - الفراء  
{وَٱلنَّجۡمُ وَٱلشَّجَرُ يَسۡجُدَانِ} (6)

وقوله : { وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ } . النجم : ما نجم مثل : العشب ، وَالبقل وشبهه . والشجر : ما قام على ساق . ثم قال : يسجدان ، وسجودهما : أنهما يستقبلان الشمس إذا طلعت ، ثم يميلان معها حتى ينكسر الفيء ، والعرب إذا جمعت الجمعين من غير الناس مثل : السدر ، والنخل جعلوا فعلهما واحداً ، فيقولون : الشاء والنعم قد أقبل ، وَالنخل والسدر قد ارتوى ، فهذا أكثر كلامهم ، وتثنيته جائزة .

قال الكسائي : سمعت العرب تقول : مرت بنا غنمان سودان وَسود .

قال الفراء : وسود أجود من سودان ؛ لأنه نعت يأتي على الاثنين ، فإذا كان أحد الاثنين مؤنثاً مثل : الشاء والإبل قالوا : الشاء والإبل مقبلة ؛ لأن الشاء ذكر ، والإبل أنثى ، ولو قلت : مقبلان لجاز ، ولو قلت : مقبلتان تذهب إلى تأنيث الشاء مع تأنيث الإبل كان صواباً ، إلا أن التوحيد أكثر وأجود .

فإذا قلت : هؤلاء قومك وإبلهم قد أقبلوا ذهب بالفعل إلى الناس خاصة ؛ لأن الفعل لهم ، وهم الذين يقبلون بالإبل ، ولو أردت إقبال هؤلاء وهؤلاء لجاز قد أقبلوا ؛ لأن الناس إذا خالطهم شيء من البهائم ، صار فعلهم كفعل الناس كما قال :

{ وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الماء قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ } فصارت الناقة بمنزلة الناس .

ومنه قول الله عز وجل : { فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي على بَطْنِهِ } ، و «مَنْ » إنما تكون للناس ، فلما فسَّرهم وقد كانوا اجتمعوا في قوله : { وَاللهُ خَالِقُ كُلِّ دَابّةٍ مِنْ ماء } فسرهم بتفسير الناس .