اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَٱلنَّجۡمُ وَٱلشَّجَرُ يَسۡجُدَانِ} (6)

قوله تعالى : { والنجم والشجر يَسْجُدَانِ } [ الرحمان : 6 ] .

قال ابن عباس وغيره{[54275]} : النَّجْم : ما لا ساق له ، والشَّجر : ما له ساق .

وأنشد ابن عباس قول صفوان التيمي : [ الطويل ]

لَقَدْ أنجمَ القَاعُ الكَبيرُ عِضَاههُ *** وتَمَّ بِهِ حيَّا تَميمٍ ووَائِلِ{[54276]}

وقال زهير بن أبي سُلْمَى : [ البسيط ]

مُكَلَّلٌ بأصُولِ النَّجْمِ تَنْسِجُهُ *** رِيحُ الجَنُوبِ لِضاحِي مَائِهِ حُبُكُ{[54277]}

واشتقاق النجم من «نَجَمَ الشيء يَنْجُمُ » - بالضم - نُجُوماً : ظهر وطلع .

ومنه : نَجَمَ نابُ البعير ، أي : طلع . وسجودهما : سجود ظلالهما ؛ قاله الضحاك . وقال الفرّاء : سجودهما أنهما يستقبلان إذا طلعت ، ثم يميلان معهما حتى ينكسر الفيء{[54278]} .

وقال الزجاج{[54279]} : سجودهما : دوران الظِّل معهما ، كما قال : { يَتَفَيَّؤُاْ ظِلاَلُهُ } [ النحل : 48 ] .

وقال الحسن ومجاهد : النجم نجم السماء ، وسجوده في قول مجاهد : «دوران ظله »{[54280]} وهو{[54281]} اختيار الطبري{[54282]} ، حكاه المهدوي .

وقيل : سجود النجم : أفوله ، وسجود الشجر : إمكان الاجتناء لثمارها ، حكاه الماوردي{[54283]} .

والأول أظهر .

وقيل : إن جميع ذلك مسخر لله تعالى ، فلا تعبدوا النجم كما عبد قوم من الصَّابئين النجوم ، وعبد كثير من العجم الشجر .

والسجود : الخضوع ، والمعني به آثار الحدوث ، حكاه القشيري .

وقال النحاس : أصل السجود في اللغة : الاستسلام والانقياد لله - عز وجل - فهو من السماوات كلها استسلامها لأمر الله - عز وجل - وانقيادها له .

ومن الحيوان كذا ، ويكون من سجود الصلاة .

وأنشد محمد بن يزيد في النجم بمعنى النجوم ؛ قال : [ الطويل ]

فَبَاتَتْ تَعُدُّ النَّجْمَ في مُسْتجيرِهِ *** سَرِيعٍ بأيْدِي الآكلينَ جُمُودهَا{[54284]}


[54275]:ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/191) وعزاه إلى ابن الأنباري في "الوقف والابتداء" وله طريق آخر عن ابن عباس دون ذكر الشعر. أخرجه الحاكم (2/474) والطبري في "تفسيره" (11/575). وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/191) وزاد نسبته إلى ابن المنذر وأبي الشيخ في "العظمة".
[54276]:ينظر القرطبي (17/101) واللسان (عضه) وتاج العروس (عضه).
[54277]:يروى "ريح خريق" مكان ريح الجنوب. ينظر: شرح ديوان زهير بن أبي سلمى ص 176، لأبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب والكشاف 4/14، وشرح شواهده ص 471، والقرطبي 17/101، واللسان (نجم)، والتاج (نجم).
[54278]:ينظر معاني القرآن للفراء 3/112.
[54279]:ينظر معاني القرآن للزجاج 5/96.
[54280]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (11/575) عن مجاهد وقتادة والحسن وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/191) وزاد نسبته إلى ابن المنذر.
[54281]:في ب: وهذا.
[54282]:ينظر: تفسير الطبري 11/575، 576.
[54283]:ينظر: القرطبي 17/101.
[54284]:البيت للراعي النميري. ينظر شعر الراعي النميري ص 194، وشرح ديوان الحماسة للتبريزي 2/224، ومجاز القرآن 2/235، والكشاف 4/27، وشرح شواهده ص 388، والمعاني الكبير 375، والقرطبي 17/101، واللسان (نجم)، والتاج (نجم).