المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغۡنِ ٱللَّهُ كُلّٗا مِّن سَعَتِهِۦۚ وَكَانَ ٱللَّهُ وَٰسِعًا حَكِيمٗا} (130)

130- وإذا لم يمكن الإصلاح واستحكمت النفرة ، فإن التفريق لازم ، وإن يتفرقا يغن الله كل واحد منهما من سعة رحمته وفضله ، والأرزاق بيد الله ، والله واسع الرحمة والفضل ، وهو حكيم يضع الأمور في مواضعها .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغۡنِ ٱللَّهُ كُلّٗا مِّن سَعَتِهِۦۚ وَكَانَ ٱللَّهُ وَٰسِعًا حَكِيمٗا} (130)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ وَإِن يَتَفَرّقَا يُغْنِ اللّهُ كُلاّ مّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللّهُ وَاسِعاً حَكِيماً } . .

يعني بذلك جلّ ثناؤه : فإن أبت المرأة التي قد نشز عليها زوجها ، أو أعرض عنها بالميل منها إلى ضرتها لجمالها أو شبابها ، أو غير ذلك مما تميل النفوس به إليها الصلح ، لصفحها لزوجها عن يومها وليلتها ، وطلبت حقها منه من القسم والنفقة وما أوجب الله لها عليه ، وأبي الزوج الأخذ عليها بالإحسان الذي ندبه الله إليه بقوله : وَإنْ تُحْسِنُوا وَتَتّقوا فإنّ اللّهَ كانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرا } وإلحاقها في القسم لها والنفقة والعشرة بالتي هو إليها ، مائل ، فتفرّقا بطلاق الزواج إياها¹ { يُغْنِ اللّهَ كُلاّ مِنْ سَعَتِهِ } يقول يغن الله الزوج والمرأة المطلقة من سعة فضله ، أما هذه فبزوج هو أصلح لها من المطلق الأوّل ، أو برزق واسع وعصمة¹ وأما هذا فبرزق واسع وزوجة هي أصلح له من المطلقة أو عفة . { وكانَ اللّهُ وَاسِعا } يعني : وكان الله واسعا لهما في رزقه إياهما وغيرهما من خلقه . { حَكِيما } فيما قضى بينه وبينها من الفرقة والطلاق ، وسائر المعاني التي عرفناها من الحكم بينهما في هذه الاَيات وغيرها وفي غير ذلك من أحكامه وتدبيره وقضاياه في خلقه .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : { وَإنْ يَتَفَرّقا يُغْنِ اللّهُ كُلاّ مِنْ سَعَتِهِ } قال : الطلاق يغني الله كلاّ من سعته .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغۡنِ ٱللَّهُ كُلّٗا مِّن سَعَتِهِۦۚ وَكَانَ ٱللَّهُ وَٰسِعًا حَكِيمٗا} (130)

الضمير في قوله { يتفرقا } للزوجين اللذين تقدم ذكرهما ، أي إن شح كل واحد منهما فلم يتصالحا لكنهما تفرقا بطلاق فإن الله تعالى يغني كل واحد منهما عن صاحبه بفضله ولطائف صنعه ، في المال والعشرة ، والسعة وجود المرادات والتمكن منها ، وذهب بعض الفقهاء المالكيين إلى أن التفرق في هذه الآية هو بالقول ، إذ الطلاق قول ، واحتج بهذه على قول النبي صلى الله عليه وسلم «البيعان بالخيار ما لم يتفرقا »{[4325]} إذ مذهب مالك في الحديث أنه التفرق بالقول لا بالبدن .

قال القاضي أبو محمد : ولا حجة في هذه الآية ، لأن إخبارها إنما هو من افتراقهما بالأبدان ، وتراخي المدة بزوال العصمة ، و «الإغناء » إنما يقع في ثاني حال ، ولو كانت الفرقة في الآية الطلاق لما كان للمرأة فيها نصيب يوجب ظهور ضميرها في الفعل ، وهذه نبذة من المعارضة في المسألة ، و «الواسع » معناه : الذي عنده خزائن كل شيء .


[4325]:- رواه البخاري ومسلم، وأخرجه الإمام أحمد، وأصحاب السنن إلا ابن ماجة- عن حكيم بن حزام.