قوله " وَإنْ يَتَفَرَّقا " يعني : الزَّوْج والمَرْأة بالطَّلاق ، { يُغنِ اللَّه كُلاًّ مِن سَعَتِهِ } : من رزقه ، يعني : المَرْأة بِزَوْج آخر ، والزَّوْج بامرأة أخْرى .
وقيل : يُغْنِي اللَّه كل واحِدٍ منهما عن صَاحِبِه بعد الطَّلاقِ ، { وكان اللَّه واسِعاً حَكِيماً } وصف نفسه بِكَوْنه وَاسِعاً ؛ ولم يُضِفْه إلى شَيْء ؛ لأنه - تعالى{[17]} - وَاسِعُ الفَضْل{[18]} ، واسع الرِّزْقِ ، واسع النِّعْمَةِ ، واسع الرَّحْمَةِ ، واسع القُدْرَةِ ، واسِعُ العِلْمِ ، واسعٌ في جميع الكمالات ، فلو قالَ : واسِعٌ في كذا ، لاخْتَصَّ بذلك المَذْكُور ، وقوله : " حكيماً " قال ابن عبَّاسٍ{[19]} : يريد فيما أمرَ ونَهَى ، وقال الكلبيُّ{[20]} : فيما حَكَم على الزَّوْج من إمْسَاكِهَا بمعرُوفٍ ، أوْ تسريحٍ بإحْسَانٍ .
حُكْم الرَّجلِ إذا كان تَحْتَهُ امْرأتَان أوْ أكْثَر ، يجِبُ عليه التَّسْوِيَة بَيْنَهُنَّ في القَسْم ، فإن ترك التَّسْوِيَة بَيْنَهُنَّ في القَسْم ، عَصَى اللَّه - تعالى - ، وعليه القَضَاءُ للمَظْلُومة ، والتَّسْوِيَة{[21]} شَرْط في البَيْنُونَةِ أمَّا في الجِمَاع{[22]} فَلاَ ؛ لأنه يَدُور على النَّشَاطِ وليس ذَلِكِ إلَيه ، ولو كانت تَحْتَه حُرّةٌ وأمَةٌ فإنَّه يَبِيتُ عِنْد الحُرَّة لَيْلَتَيْن ، وعند الأمَة لَيْلَة ، وإذا تَزَوَّج جَدِيدَةً على قَدِيمَة ، يخص الجَدِيدَة بأن يَبِيت عِنْدَهَا سَبْعَ لَيَالٍ على التَّوالِي إن كانت بِكْراً ، وإن كانت ثَيِّباً ، فثلاث لَيَالٍ ، ثم يُسَوِّي بعد ذَلِك بين الكُلِّ ، ولا يجب قَضَاء هذه الثلاث للقَدِيمَات ؛ لقول أنسٍ : من السُّنَّةِ إذا تزوَّج البكر على الثَّيِّب أن يُقِيم عِنْدَها سَبْعَةً ، وإذا تزوَّج الثَّيِّب على البِكْرِ ، أن يُقِيم عندها ثلاثاً ، فإن أحبَّت الثَّيِّبُ أن يُقِيم عِنْدَها سبْعاً ، فعل ، ثم قَضَاه للبَوَاقِي ؛ لأن " النَّبِي صلى الله عليه وسلم لما تَزَوَّج أمَّ سَلَمَة أقام عِنْدَها سَبْعاً ، ثم قال : لَيْس بك هَوانٌ على أهْلِكِ ، إن شِئْت سَبَّعْت لَكِ ، وإن سَبَّعْت لك سَبَّعْت لِنِسَائي " {[23]} ، وإذا أرادَ الرَّجُل سفرَ حَاجَةٍ ، فيجُوزُ له أنْ يحمل بَعْضَ نِسَائِه [ معه بالقُرْعَة بَيْنَهُنَّ ]{[24]} ، ولا يَجِبُ عليه [ أن ]{[25]} يَقْضِي{[26]} للبَاقِيَات مُدَّة سَفَرِه وإن طَالَتْ إذا لَمْ يزدْ مَقَامُهُ في بَلْدة على مُدَّة المُسَافِرِين ؛ لأن النَّبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد سَفَراً ، أقْرَعَ بين نِسَائِه ، فأيّتهن خَرَج{[27]} سهُمُهَا ، خرج بِهَا مَعَهُ ، أما إذا أرَادَ سَفَرَ نَقْلةٍ ، فَلَيْسَ له تَخْصِيصُ{[28]} بَعْضِهِن ، لا بِقُرْعَة ولا بِغَيْرها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.