تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغۡنِ ٱللَّهُ كُلّٗا مِّن سَعَتِهِۦۚ وَكَانَ ٱللَّهُ وَٰسِعًا حَكِيمٗا} (130)

الآية 130

وقوله تعالى : { وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته } أي الزوجان إن تفرقا لما لم يقدر ( الزوج ){[6640]} على التسوية بينهن{ يغن الله كلا من سعته } المرأة تتزوج آخر ، والرجل ( يتزوج ){[6641]} بامرأة أخرى . ويحتمل { يغن الله كلا من سعته } لأن كل واحد منهما ، وإن كان غنيا بالآخر في حال النكاح فالله قادر على أن يغني كل واحد منهما ، وإن كان غنيا بالآخر في حال النكاح فالله قادر على أن يغني كل واحد منهما بعد الافتراق كما كان يرزقهما {[6642]} قبل الفراق .

وفيه دليل قطع طمع الارتزاق من غير الله ، وإن جاز أن يجعل غيره سببا في ذلك لأنه قال عز وجل : { وإن يتفرقا يغن الله } ليعلم كل أن غناه لم تكن بالآخر حن وعد لهما الغنى . وكذلك في قوله تعالى : { وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين } إلى قوله تعالى : { إن يكونوا فقراء يغنيهم الله من فضله } ( النور : 32 ) دليل قطع طمع ارتزاق{[6643]} بعضهم من بعض في النكاح لما وعدلهم الغنى إذا كانوا فقراء .

وفيه وقوع الفرقة بينهما بالمرأة بالمكنى من الكلام لمشاركتها فيه ، وإن كان الزوج هو المنفرد بالفراق ، لما أضاف الفعل إليهما بقوله تعالى : { وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته } وكذلك قوله تعالى : { فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن } ( البقرة : 231 ) والله أعلم .

وفيه دليل لزوم النفقة في العدة لأنه ذكر الافتراق : إنما يكون بانقضاء العدة . ثم أخبر عز وجل عن غنى كل واحد منهما بالآخر قبل الفراق . دل أن للمرأة غنى بالزوج ما دامت بالعدة ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { وكان الله واسعا حكيما } قيل{ واسعا } جوادا ، وقيل : { واسعا } يوسع كل منهم رزقه{ حكيما } حكم{[6644]} على الزوج إمساكا بمعروف أو تسريحا بإحسان ، وقيل : { حكيما } حين حكم فرقتهما .

وأصل الحكم أن يوضع {[6645]} كل شيء موضعه .


[6640]:ساقطة من الأصل وم.
[6641]:ساقطة من الأصل وم.
[6642]:في الأصل وم: يرزق.
[6643]:في الأصل وم: الارتزاق
[6644]:.ساقطة من م
[6645]:في الأصل وم يضع.