المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذۡ يَتَوَفَّى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ يَضۡرِبُونَ وُجُوهَهُمۡ وَأَدۡبَٰرَهُمۡ وَذُوقُواْ عَذَابَ ٱلۡحَرِيقِ} (50)

50- ولو ترى - أيها الرسول - ذلك الهول الخطير ، الذي ينزل بهؤلاء الكفار حين تتوفاهم الملائكة فينزعون أرواحهم ، وهم يضربونهم من أمام ومن خلف ، ويقولون لهم : ذوقوا عذاب النار بسبب أفعالكم السيئة .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذۡ يَتَوَفَّى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ يَضۡرِبُونَ وُجُوهَهُمۡ وَأَدۡبَٰرَهُمۡ وَذُوقُواْ عَذَابَ ٱلۡحَرِيقِ} (50)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَوْ تَرَىَ إِذْ يَتَوَفّى الّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ولو تعاين يا محمد حين يتوفى الملائكة أرواح الكفار فتنزعها من أجسادهم ، تضرب الوجوه منهم والأستاه ، ويقولون لهم : ذوقوا عذاب النار التي تحرقكم يوم ورودكم جهنم .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : إذْ يَتَوَفّى في الّذِينَ كَفَرُوا المَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وأدْبارَهُمْ قال : يوم بدر .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا يحيى بن أسلم ، عن إسماعيل بن كثير ، عن مجاهد : يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وأدْبارَهُمْ قال : وأستاههم ولكن الله كريم يكني .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، حدثنا سفيان ، عن أبي هاشم ، عن مجاهد ، في قوله : يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وأدْبارَهُمْ قال : وأستاههم ولكن الله كريم يكني .

حدثني محمد بن المثنى ، قال : حدثنا وهب بن جرير ، قال : أخبرنا شعبة ، عن يعلى بن مسلم ، عن سعيد بن جبير ، في قوله : يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وأدْبارَهُمْ قال : إن الله كني ، ولو شاء لقال : أستاههم ، وإنما عنى بأدبارهم : أستاههم .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، قال : أستاههم يوم بدر . قال ابن جريج : قال ابن عباس : إذا أقبل المشركون بوجوههم إلى المسلمين ضربوا وجوههم بالسيوف ، وإذا ولوا أدركتهم الملائكة فضربوا أدبارهم .

حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا عباد بن راشد ، عن الحسن ، قال : قال رجل : يا رسول الله إني رأيت بظهر أبي جهل مثل الشراك ، فما ذاك ؟ قال : «ضَرْبُ المَلائِكَةِ » .

حدثنا محمد ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن منصور ، عن مجاهد : أن رجلاً قال للنبيّ صلى الله عليه وسلم : إني حملت على رجل من المشركين ، فذهبت لأضربه ، فندر رأسه . فقال : «سَبَقَكَ إلَيْهِ المَلَكُ » .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : ثني حرملة ، أنه سمع عمر مولى غفرة يقول : إذا سمعت الله يقول : يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وأدْبارَهُمْ فإنما يريد أستاههم .

قال أبو جعفر : وفي الكلام محذوف استغني بدلالة الظاهر عليه من ذكره ، وهو قوله : وَيَقُولُونَ ذُوقُوا عَذَابَ الحَرِيقِ حذفت «يقولون » ، كما حذفت من قوله : وَلَوْ تَرَى إذِ المُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبّهِمْ رَبّنا أبْصَرْنا وَسِمعْنا بمعنى : يقولون ربنا أبصرنا .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذۡ يَتَوَفَّى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ يَضۡرِبُونَ وُجُوهَهُمۡ وَأَدۡبَٰرَهُمۡ وَذُوقُواْ عَذَابَ ٱلۡحَرِيقِ} (50)

{ ولو ترى } ولو رأيت فإن لو تجعل المضارع ماضيا عكس إن . { إذ يتوفّى الذين كفروا والملائكة } ببدر ، وإذ ظرف ترى والمفعول محذوف أي ولو ترى الكفرة أو حالهم حينئذ ، والملائكة فاعل يتوفى ويدل عليه قراءة ابن عامر بالتاء ويجوز أن يكون الفاعل ضمير الله عز وجل وهو مبتدأ خبره { يضربون وجوههم } والجملة حال من الذين كفروا ، واستغني فيه بالضمير عن الواو وهو على الأول حال منهم أو من الملائكة أو منهما لاشتماله على الضميرين . { وأدبارهم } ظهورهم أو أستاههم ، ولعل المراد تعميم الضرب أي يضربون ما أقبل منهم وما أدبر . { وذوقوا عذاب الحريق } عطف على يضربون بإضمار القول أي ويقولون ذوقوا بشارة لهم بعذاب الآخرة . وقيل كانت معهم مقامع من حديد كلما ضربوا التهبت النار منها ، وجواب { لو } محذوف لتقطيع الأمر وتهويله .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذۡ يَتَوَفَّى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ يَضۡرِبُونَ وُجُوهَهُمۡ وَأَدۡبَٰرَهُمۡ وَذُوقُواْ عَذَابَ ٱلۡحَرِيقِ} (50)

هذه الآية تتضمن التعجيب مما حل بالكفار يوم بدر ، قاله مجاهد وغيره ، وفي ذلك وعيد لمن بقي منهم ، وحذف جواب ، { لو } إبهام بليغ ، وقرأ جمهور السبعة والناس «يتوفى » بالياء فعل فيه علامة التذكير إلى مؤنث في اللفظ ، وساغ ذلك أن التأنيث غير حقيقي ، وارتفعت { الملائكة } ب { يتوفى } ، وقال بعض من قرأ هذه القراءة إن المعنى إذ يتوفى الله الذين كفروا و { الملائكة } رفع بالابتداء ، و { يضربون } خبره والجملة في موضع الحال .

قال القاضي أبو محمد : ويضعف هذا التأويل سقوط واو الحال فإنها في الإغلب تلزم مثل هذا{[5411]} ، وقرأ ابن عامر من السبعة والأعرج «تتوفى » بالتاء على الإسناد إلى لفظ «الملائكة » ، و { يضربون } في موضع الحال ، وقوله { وأدبارهم } قال جمهور المفسرين يريد أستاههم ، ولكن الله كريم كنى ، وقال ابن عباس أراد ظهورهم وما أدبر منهم ، ومعنى هذا أن الملائكة كانت تلحقهم في حال الإدبار فتضرب أدبارهم ، فأما في حال الإقبال فبين تمكن ضرب الوجوه ، وروى الحسن أن رجلاً قال : يا رسول الله رأيت في ظهر أبي جهل مثل الشراك{[5412]} ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ذلك ضرب الملائكة » ، وعبر بجمع الملائكة ، وملك الموت واحد إذ له على ذلك أعوان من الملائكة ، وقوله { وذوقوا عذاب الحريق } قيل كانوا يقولون للكفار حينئذ هذا اللفظ فحذف يقولون اختصار ، وقيل معناه وحالهم يوم القيامة أن يقال لهم هذا ، و { الحريق } فعيل من الحرق .


[5411]:- قال أبو حيان في "البحر": "لا يضعفه إذ جاء بغير واو في كتاب الله وفي كثير من كلام العرب".
[5412]:- الشّراك: سير النعل. (المعجم الوسيط).