فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذۡ يَتَوَفَّى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ يَضۡرِبُونَ وُجُوهَهُمۡ وَأَدۡبَٰرَهُمۡ وَذُوقُواْ عَذَابَ ٱلۡحَرِيقِ} (50)

{ ولو ترى } الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أو لكل من يصل له كما تقدم تحقيقه في غير موضع ، والرؤية بصرية والمعنى لو رأيت { إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة } لأن لو يقلب المضارع ماضيا أي ولو ترى الكافرين وقت توفى الملائكة لهم قيل أراد بالذين كفروا من لم يقتل يوم بدر .

وقيل هي فيمن قتل ببدر ، وجواب لو محذوف تقديره لرأيت أمرا عظيما { يضربون وجوههم } أي جهة الأمام { وأدبارهم } أي جهة الخلف يعني أستاههم كنى عنها بالأدبار ، وقيل ظهورهم بمقامع من حديد ، وهذا نص في أن ملائكة الموت عند قبضها لروح الكافر تضربه بما ذكر وتقول له ما ذكر وإن كنا محجوبين عن رؤية ذلك وسماعه .

واختلفوا في وقت هذا الضرب ، فقيل يكون عند الموت تضرب الملائكة وجوه الكفار وأدبارهم بسياط من نار كما يفيده ذكر التوفي ، وقيل هو يوم القيامة حين يسيرون بهم إلى النار ، قال ابن جريج : يريد ما أقبل من أجسادهم وأدبر يعني يضربون جميع أجسادهم ، قيل كان المشركون إذا أقبلوا بوجوههم عل المسلمين ضربت الملائكة وجوههم بالسيوف ، وإذا ولوا أدبارهم ضربت الملائكة أدبارهم ، قيل كان معهم مقامع من حديث محماة بالنار يضربون بها الكفار فتلتهب النار في جراحاتهم .

{ و } يقول لهم خزنة جهنم عند القتل { ذوقوا عذاب الحريق } أي المحرق وقال ابن عباس : تقول لهم الملائكة ذلك بعد الموت ، وقال الحسن : والاختبار ، وأصله من الذوق بالفم .