الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذۡ يَتَوَفَّى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ يَضۡرِبُونَ وُجُوهَهُمۡ وَأَدۡبَٰرَهُمۡ وَذُوقُواْ عَذَابَ ٱلۡحَرِيقِ} (50)

قوله : { ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة }[ 50 ] .

أي : لو عاينت ذلك ، يا محمد{[27584]} ، رأيت أمرا عظيما{[27585]} ، يضربون وجوههم وأستاههم{[27586]} ، يقولون لهم : { ذوقوا عذاب الحريق }[ 50 ] ، أي : النار . ف : " يقولون " محذوفة{[27587]} من الكلام{[27588]} .

وجواب { لو } محذوف . والمعنى : ولو ترى ذلك لرأيت أمرا عظيما ، وشبه هذا{[27589]} .

وهذا إنما يكون عند قبض أرواحهم{[27590]} .

وقيل : إنما يكون يوم القيامة{[27591]} .

وقيل : أريد به يوم بدر ، قاله مجاهد{[27592]} .

قال مجاهد : { أدبارهم } : أستاههم{[27593]} ، ولكن الله كريم يكني{[27594]} .

قال ابن عباس : /كان المشركون إذا أقبلوا بوجوههم يوم بدر إلى المسلمين ، ضربوا وجوههم بالسيوف ، وإذا ولوا ، أدركتهم الملائكة يضربون أدبارهم{[27595]} .

قوله : { الذين{[27596]} كفروا }[ 50 ] ، وقف{[27597]} ، إن جعلت المعنى : إذ يتوفى الله الذين كفروا ، ثم تبتدئ : { الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم }[ 50 ] ، على الابتداء والخبر{[27598]} .

ويدل على هذا المعنى : { الله يتوفى{[27599]} الانفس حين موتها }{[27600]} .

وإن جعلت الملائكة هم يتوفونهم ، وقفت{[27601]} على { الملائكة } ، وهو مروي عن نافع{[27602]} ، وجعلت { يضربون } ، على إضمار مبتدأ ، أي : هم{[27603]} يضربون .

والأحسن الوقف على { أدبارهم } ، وهو التمام{[27604]} وتبتدئ : { وذوقوا }[ 50 ] ، على معنى : ويقولون{[27605]} .

{ وذوقوا{[27606]} عذاب الحريق }[ 50 ] تمام{[27607]} ،


[27584]:جامع البيان 14/15، بتصرف يسير.
[27585]:هذا تقدير جواب {ولو} المحذوف، كما في إعراب القرآن للنحاس 2/190. قال أبو حيان في البحر 4/501: "لو" التي ليست شرطا في المستقبل تقلب المضارع للماضي. فالمعنى: لو رأيت، وشاهدت. وحذف جواب {ولو} جائز بليغ حذفه في مثل هذا؛ لأنه يدل على التعظيم. أي: لرأيت أمرا عجبا، وشأنا هائلا، كقوله: {ولو ترى إذ وقفوا على النار}[الأنعام:28]، انظر: الكشاف 2/217، وتفسير القرطبي 8/19، والدر المصون 3/427.
[27586]:جمع سته، بالتحريك، مثل: سبب وأسباب. انظر: المصباح / سته.
[27587]:في الأصل: محذفة، وهو سهو ناسخ.
[27588]:في معاني القرآن للفراء 1/413: "....يريد: ويقولون، مضمرة، كما قال: {ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ربنا} [السجدة: آية 12]، يريد: يقولون: {ربنا} وفي قراءة عبد الله: (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل)، يقولان {ربنا}"، انظر: مجاز القرآن 1/247، ومعاني القرآن للأخفش 1/351، وجامع البيان 14/17، والبيان 1/389، وزاد المسير 3/369، والدر المصون 3/327.
[27589]:انظر: المصادر السالفة فوقه.
[27590]:إعراب القرآن للنحاس 2/190، بتصرف يسير. وهو قول مقاتل في تفسير الماوردي 2/326، وزاد المسير 3/368. وأورده البغوي 3/367، والقرطبي 8/20، والشوكاني 2/362 من غير عزو. وينظر: جامع البيان 14/15.
[27591]:إعراب القرآن للنحاس 2/190، باختصار، وتفسير القرطبي 8/20، وفتح القدير 2/362.
[27592]:التفسير 356، وجامع البيان 14/16، وتفسير ابن أبي حاتم 5/1718، وتفسير ابن كثير 2/319.
[27593]:في الأصل: أستاههم، وهو سبق قلم ناسخ.
[27594]:جامع البيان 14/16، وتفسير ابن أبي حاتم 5/1718، وتفسير البغوي 3/368، وتفسير ابن كثير 2/319، والدر المنثور 4/81، وحرف فيه إلى: أشباههم، ولا معنى له.
[27595]:جامع البيان 14/16، وتفسير البغوي 3/368، وتفسير ابن كثير: 2/319.
[27596]:في الأصل: للذين، وهو تحريف.
[27597]:وهو تام عند نافع، كما في القطع والإئتناف 352، وتعقبه الداني في المكتفى 287، بقوله: "وتفسير السلف على غير ذلك"، فالملائكة عندهم، هي التي تتوفى الذين كفروا.
[27598]:{الملائكة}: مبتدأ، و{يضربون}: خبره، والجملة في موضع الحال، كما في المحرر الوجيز 2/540.
[27599]:الزمر: 39.
[27600]:هذا التوجيه لنصير النحوي، كما في القطع والإئتناف 353، انظر: المقصد 159، ومنار الهدى 159.
[27601]:في الأصل: وقعت، وهو تحريف.
[27602]:انظر: القطع والإئتناف 353، والمقصد 159، ومنار الهدى 160.
[27603]:في الأصل: هي، وهو تحريف.
[27604]:وهو اختيار النحاس في القطع والإئتناف 353، وهو عنده كاف، وعند أحمد بن جعفر تام، وأبي يحيى الأنصاري في المقصد 160، والأشموني في منار الهدى 160.
[27605]:تقدير المضمر للفراء في معاني القرآن 1/413، ص629، هامش 3، قال ابن الأنباري في البيان 1/389: "...وحذف القول كثير في كتاب الله تعالى، وكلام العرب".
[27606]:في المخطوطتين: ذوقوا، وأثبت نص التلاوة.
[27607]:وهو كاف في المقصد 160، ومنار الهدى 16.