قوله تعالى : { وَلَوْ ترى إِذْ يَتَوَفَّى الذين كَفَرُواْ الملائكة } الآية .
لمَّا شرح أحوال الكُفَّار ، شرح أحوال موتهم ، والعذاب الذي يصل إليهم .
قرأ ابن عامر والأعرج{[17410]} " تَتَوفَّى " بتاء التأنيث ، لتأنيث الجماعة ، والباقون بياء الغيبة وفيها تخريجان ، أظهرهما - لموافقة قراءة من تقدَّم - : أنَّ الفاعل هم الملائكة ، وإنما ذُكِّرَ للفصل ؛ ولأنَّ التأنيث مجازي .
والثاني : أنَّ الفاعل ضمير الله تعالى : لتقدم ذكره و " الملائكةُ " مبتدأ ، و " يَضْرِبُونَ " خبره ، وفي هذه الجملةِ حينئذٍ وجهان :
أحدهما : أنَّها حالٌ من المفعول .
والثاني : أنَّها استئنافيةٌ ، جواباً لسؤالٍ مقدر ، وعلى هذا فيوقف على " الَّذين كَفَرُوا " بخلاف الوجهين قبله .
وضعَّف ابنُ عطية وجه الحالِ بعدم الواو ، وليس بضعيفٍ لكثرة مجيء الجملة الحالية مشتملة على ضمير ذي الحال خاليةً من " واو " نظماً ونثراً ، وعلى كون " الملائكةُ " فاعلاً ، يكون " يَضْربُونَ " جملةً حاليةً ، سواءً قرىء بالتأنيث أم بالتذكير ، وجوابُ " لَوْ " محذوفٌ للدلالة عليه ، أي : رأيت أمراً عظيماً .
المعنى : ولو عاينت ؛ لأنَّ " لو " ترد المضارع إلى الماضي ، كما ترد " إن " الماضي إلى المضارع .
قال الواحديُّ - رحمه الله - : " معنى يتوفى الذين كفروا ، يقبضون أرواحهم " قيل : عند الموت تضرب الملائكة وجوه الكفار وأدبارهم . وقيل : أراد المشركين الذين قتلوا ببدر ، كانت الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم .
قال سعيدُ بن جبيرٍ ، ومجاهد : يريدُ : أستاههم ولكن الله تعالى حَييٌّ يُكَنِّي{[17411]} .
وقال ابن عباس " كان المشركون إذا أقبلوا بوجوههم إلى المسلمين ضربوا وجوههم بالسيف وإذا ولَّوْا أدركتهم الملائكة يضربون أدبارهم{[17412]} " وقال ابن جريح " يريدُ ما أقبل منهم وما أدبر يضربون أجسادهم كلها " . والمراد بالتوفي : القتل .
قوله { وَذُوقُواْ عَذَابَ الحريق } هذا منصوب بإضمار قول الملائكة ، أي : يضربونهم ويقولون لهم : ذوقوا . وقيل : الواو في " يَضْربُونَ " للمؤمنين أي : يَضْربونهم حال القتال ، وحال توفِّي أرواحهم الملائكة .
قيل : كان مع الملائكة مقامع من حديد ، يضربون بها الكُفَّار ، فتلتهب النَّار في جراحاتهم ؛ فذلك قوله : { وَذُوقُواْ عَذَابَ الحريق } ، وقال الحسن - رضي الله عنه - : " هذا يوم القيامة ، تقولُ لهم خزنةُ جهنم : ذوقوا عذاب الحريقِ{[17413]} " وقال ابنُ عبَّاسٍ - رضي الله تعالى عنهما - : " يقولون لهم ذلك بعد الموت " {[17414]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.