تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذۡ يَتَوَفَّى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ يَضۡرِبُونَ وُجُوهَهُمۡ وَأَدۡبَٰرَهُمۡ وَذُوقُواْ عَذَابَ ٱلۡحَرِيقِ} (50)

وقوله تعالى : ( وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ) قال بعضهم : الآية مقابلة قوله تعالى : ( ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس )[ الأنفال : 47 ] يقول ، والله أعلم ، ( ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا ) أي يقبض أرواح الذين كفروا ؛ كيف يقبضون أرواحهم ؟ وكيف ( يضربون وجوههم وأدبارهم ) ؟ كأنه قال : والله أعلم ، لو ٍرأيت الحال التي يقبض فيها [ الملائكة ][ ساقطة من الأصل وم ] أرواحهم وما ينزل [ بهم ][ ساقطة من الأصل وم ] لرأيت أن ما عملوا بأنفسهم لا بالمؤمنين .

وقوله تعالى : ( وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ) يحتمل ما ذكر من فعل الملائكة يوم بدر ؛ لأن الآية ذكرت في قصة بدر . ويحتمل أن يكون ذلك في كل كافر أن الملائكة يفعلون به ما ذكر كقوله تعالى : ( ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم )الآية[ الأنعام : 93 ] هذا في كل كافر .

وقوله تعالى : ( يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ) ليس على إرادة حقيقة الوجه والدبر ، ولكن على إرادة إيصال الألم إليهم بكل ضرب وكل جهة كقوله تعالى : ( لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل )[ الزمر : 16 ] ليس على إرادة التحت والفوق ولكن على إرادة إحاطة العذاب بهم . فعلى ذلك الأول .

وقال بعضهم : ( يضربون وجوههم ) في إقبالهم [ على ][ ساقطة من الأصل وم ] المؤمنين ( وأدبارهم ) في حال إدبارهم وانهزامهم .