إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذۡ يَتَوَفَّى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ يَضۡرِبُونَ وُجُوهَهُمۡ وَأَدۡبَٰرَهُمۡ وَذُوقُواْ عَذَابَ ٱلۡحَرِيقِ} (50)

{ وَلَوْ تَرَى } أي ولو رأيتَ ، فإن لو الامتناعيةَ تردّ المضارعَ ماضياً كما أن إنْ تردّ الماضيَ مضارعاً ، والخطابُ إما لرسول الله صلى الله عليه وسلم أو لكل أحدٍ ممن له حظٌّ من الخطاب وقد مر تحقيقُه في قوله تعالى : { وَلَوْ ترى إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النار } [ سورة الأنعام ، الآية 27 ] وكلمةُ إذ في قوله تعالى : { إِذْ يَتَوَفَّى الذين كَفَرُواْ الملائكة } ظرفٌ لترى والمفعولُ محذوفٌ أي ولو ترى الكفرةَ ، أو حالَ الكفرةِ حين يتوفاهم الملائكةُ ببدر ، وتقديمُ المفعولِ للاهتمام به ، وقيل : الفاعلُ ضميرٌ عائدٌ إلى الله عز وجل ، والملائكةُ مبتدأٌ وقوله تعالى : { يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ } خبرُه ، والجملةُ حالُ من الموصول قد استُغني فيها بالضمير عن الواو ، وهو على الأول حالٌ منه أو من الملائكة أو منهما لاشتماله على ضميريهما { وأدبارهم } أي وأستاهَهم أو ما أَقبل منهم وما أَدبر من الأعضاء { وَذُوقُواْ عَذَابَ الحريق } على إرادة القولِ معطوفاً على يضربون أو حالاً من فاعله أي ويقولون أو قائلين : ذوقوا بشارةً لهم بعذاب الآخرة وقيل : كانت معهم مقامِعُ من حديد كلما ضَربوا التهبت النارُ منها ، وجوابُ لو محذوفٌ للإيذان بخروجه عن حدود البيانِ أي لرأيتَ أمراً فظيعاً لا يكاد يوصف .