والمراد بالأمر بالعبادة في قوله تعالى { واعبد رَبَّكَ حتى يَأْتِيَكَ اليقين } المداومة عليها وعدم التقصير فيها .
والمراد باليقين : الموت ، سمى بذلك لأنه أمر متيقن لحوقه بكل مخلوق .
أى : ودم - أيها الرسول الكريم - على عبادة ربك وطاعته ما دمت حيا ، حتى يأتيك الموت الذي لا مفر من مجيئه في الوقت الذي يريده الله - تعالى - .
ومما يدل على أن المراد باليقين هنا الموت قوله - تعالى - حكاية عن المجرمين : { قَالُواْ لَمْ نَكُ مِنَ المصلين وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ المسكين وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الخآئضين وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدين حتى أَتَانَا اليقين } أى : الموت .
ويدل على ذلك أيضًا ما رواه البخارى عن أم العلاء " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل على عثمان بن مظعون وقد مات ، قالت : قلت : رحمة الله عليك أبا السائب ، فشهادتى عليك لقد أكرمك الله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وما يدريك أن الله قد أكرمه . . . أما هو فقد جاءه اليقين - أى الموت - وإنى لأرجو له الخير " " .
قال الإِمام ابن كثير : ويستدل بهذه الآية الكريمة ، على أن العبادة كالصلاة ونحوها ، واجبة على الإِنسان ما دام عقله ثابتًا ، فيصلى بحسب حاله ، كما ثبت في صحيح البخارى عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " صل قائمًا ، فإن لم تستطع فقاعدا ، فإن لم تستطع فعلى جنب " .
ويستدل بها أيضًا على تخطئة من ذهب من الملاحدة إلى أن المراد باليقين المعرفة ، فمتى وصل أحدهم إلى المعرفة ، سقط عنه التكليف عندهم . وهذا كفر وضلال وجهل . . . .
و { اليقين } : الموت ، بذلك فسره هنا ابن عمر ومجاهد والحسن وابن زيد ، ومنه قول النبي عليه السلام عند موت عثمان بن مظعون : «أما هو فقد رأى اليقين »{[7235]} ، ويروى «فقد جاءه اليقين » . وليس { اليقين } من أسماء الموت ، وإنما العلم به يقين لا يمتري فيه عاقل ، فسماه هنا يقيناً تجوزاً ، أي يأتيك الأمر اليقين علمه ووقوعه وهذه الغاية معناها مدة حياتك ، ويحتمل أن يكون المعنى { حتى يأتيك اليقين } في النصر الذي وعدته{[7236]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.