المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ فَإِخۡوَٰنُكُمۡ فِي ٱلدِّينِۗ وَنُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ} (11)

11- فإن تابوا عن الكفر ، والتزموا أحكام الإسلام بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، فهم إخوانكم في الدين ، لهم ما لكم وعليهم ما عليكم ، ويبيّن الله الآيات لقوم ينتفعون بالعلم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ فَإِخۡوَٰنُكُمۡ فِي ٱلدِّينِۗ وَنُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ} (11)

وبعد أن وضحت السورة الكريمة طبيعة هؤلاء المشركين بالنسبة لكل مؤمن ، وبينت الاسباب التي جعلتهم بمعزل عن الحق والخير . . شرعت في بيان ما يجب أن يفعله المؤمنون معهم في حالتى إيمانهم وكفرهم فقال تعالى .

{ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصلاة وَآتَوُاْ الزكاة فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدين وَنُفَصِّلُ الآيات لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ وَإِن نكثوا أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فقاتلوا أَئِمَّةَ الكفر إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ } .

أى : فان تابوا عن شركهم وما يتبعه من رذائل ومنكرات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة ، على الوجه الذي أمر الله به فهم في هذه الحالة { فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدين } لهم ما لكم وعليهم ما عليكم وهذ الأخوة تجُبُّ ما قبلها من عداوات .

وقوله : { وَنُفَصِّلُ الآيات لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } جملة معترضة ، جئ بها للحث والتحري على ما فصله - سبحانه - من أحاكم المشركين ، وعلى الالتزام بها .

هذا ما يجب على المؤمنين نحو هيلاء المشركين إن تابوا وأقاموا الصلاة وأتوى الزكاة . .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ فَإِخۡوَٰنُكُمۡ فِي ٱلدِّينِۗ وَنُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ} (11)

{ فإن تابوا } عن الكفر . { وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين } فهم إخوانكم في الدين لهم ما لكم وعليهم ما عليكم . { ونفصّل الآيات لقوم يعلمون } اعتراض للحث على تأمل ما فصل من أحكام المعاهدين أو خصال التائبين .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ فَإِخۡوَٰنُكُمۡ فِي ٱلدِّينِۗ وَنُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ} (11)

{ فإن تابوا وأقاموا الصلاة وءاتوا الزكاة فإخوانكم في الدين }

تفريع حكم على حكم لتعقيب الشدّة باللين إن هم أقلعوا عن عداوة المسلمين بأن دخلوا في الإسلام لقصد مَحو أثر الحنق عليهم إذا هم أسلموا أعقب به جملة : { إنهم ساء ما كانوا يعملون } إلى قوله { المعتدون } [ التوبة : 9 ، 10 ] تنبيهاً لهم على أنّ تداركهم أمرهم هين عليهم ، وفرّع على التوبة أنّهم يصيرون إخواناً للمؤمنين . ولمّا كان المقام هنا لذكر عداوتهم مع المؤمنين جعلت توبتهم سبباً للأخوّة مع المؤمنين ، بخلاف مقام قوله قبله { فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم } [ التوبة : 5 ] حيث إنّ المعقّب بالتوبة هنالك هو الأمر بقتالهم والترصّد لهم ، فناسب أن يفرّع على توبتهم عدم التعرّض لهم بسوء . وقد حصل من مجموع الآيتين أنّ توبتهم توجب أمنهم وأخُوّتهم .

ومن لطائف الآيتين أن جعلت الأخوة مذكورة ثانياً لأنّها أخصّ الفائدتين من توبتهم ، فكانت هذه الآية مؤكّدة لأختها في أصل الحكم .

وقوله : { فإخوانكم } خبر لمحذوف أي : فَهم إخوانكم . وصيغ هذا الخبر بالجملة الاسمية : للدلالة على أنّ إيمانهم يقتضي ثبات الأخوّة ودوامَها ، تنبيهاً على أنّهم يعودون كالمؤمنين السابقين من قبل في أصل الأخوّة الدينية .

والإخوان جمع أخ في الحقيقة والمجاز ، وأطلقت الأخوّة هنا على المودّة والصداقة .

والظرفية في قوله : { في الدين } مجازية : تشبيهاً للملابسة القوية بإحاطة الظرف بالمظروف زيادة في الدلالة على التمكّن من الإسلام وأنّه يَجُبُّ ما قبله .

{ ونفصل الآيات لقوم يعلمون }

اعتراض وتذييل ، والواو اعتراضية ، ومناسبة موقعه عقب قوله : { اشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً } [ التوبة : 9 ] أنّه تضمّن أنّهم لم يهتدوا بآيات الله ونبذوها على علم بصحّتها كقوله تعالى : { أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم } [ الجاثية : 23 ] ، وباعتبار ما فيه من فرض توبتهم وإيمانهم إذا أقلعوا عن إيثار الفساد على الصلاح ، فكان قوله : { ونفصل الآيات لقوم يعلمون } جامعاً للحالين ، دالاً على أنّ الآيات المذكورة آنفاً في قوله : { اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا } [ التوبة : 9 ] آيات واضحة مفصّلة ، وأنّ عدم اهتداء هؤلاء بها ليس لنقص فيها ولكنّها إنّما يهتدي بها قوم يعلمون ، فإن آمنوا فقد كانوا من قوم يعلمون . ويفهم منه أنّهم إن اشتروا بها ثمناً قليلاً فليسوا من قوم يعلمون ، فنُزّل علمهم حينئذ منزلة عدمه لانعدام أثر العلم ، وهو العمل بالعلم ، وفيه نداء عليهم بمساواتهم لغير أهل العقول كقوله : { وما يعقلها إلا العالمون } [ العنكبوت : 43 ] .

وحُذف مفعول { يعلمون } لتنزيل الفعل منزلة اللازم إذ أريد به : لقوم ذوي علم وعقل .

وعطف هذا التذييل على جملة : { فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين } لأنّه به أعلق ، لأنّهم إن تابوا فقد صاروا إخوانا للمسلمين ، فصاروا من قوم يعلمون ، إذ ساووا المسلمين في الاهتداء بالآيات المفصّلة .

ومعنى التفصيل تقدّم في قوله تعالى : { وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين } من سورة الأنعام ( 55 ) .