لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ فَإِخۡوَٰنُكُمۡ فِي ٱلدِّينِۗ وَنُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَعۡلَمُونَ} (11)

قوله عز وجل : { فإن تابوا } يعني فإن رجعوا عن الشرك إلى الإيمان وعن نقض العهد إلى الوفاء به { وأقاموا الصلاة } يعني المفروضة عليهم بجميع حدودها وأركانها { وآتوا الزكاة } يعني وبذلوا الزكاة المفروضة عليهم طيبة بها أنفسهم { فإخوانكم في الدين } يعني إذا فعلوا ذلك فهم إخوانكم في الدين لهم مالكم وعليهم ما عليكم { ونفصل الآيات لقوم يعلمون } يعني ونبين حجج أدلتنا ونوضح بيان آياتنا لمن يعلم ذلك ويفهمه . قال ابن عباس : حرمت هذه الآية دماء أهل القبلة وقال ابن مسعود : أمرتم بالصلاة والزكاة فمن لم يزكِّ فلا صلاة له . وقال ابن زيد : افترضت الصلاة والزكاة جميعاً لم يفرق بينهما وأبى أن يقبل الصلاة إلا بالزكاة . وقال : يرحم الله أبا بكر ما كان أفقهه يعني بذلك ما ذكره أبو بكر في حق منع الزكاة وهو قوله . والله لا أفرق بين شيئين جمع الله بينهما يعني الصلاة والزكاة ( ق ) يعني أبي هريرة قال لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر وكفر من كفر من العرب قال عمر بن الخطاب لأبي بكر : كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله عز وجل » فقال أبو بكر : والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها . وفي رواية ، عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها ، فقال عمر : فوالله ما هو إلا أن رأيت أن الله شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق . عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله » .