وقوله - تعالى - { الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات طوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ } بيان للثواب الجزيل الذي أعده - سبحانه - للمؤمنين الصادقين .
وطوبى : مصدر كبشرى وزلفى من الطيب ، وأصله طُيْبَى ، فقلبت الياء واواً لوقوعها ساكنة إثر ضمة ، كما قلبت في موقن وموسر وهو من اليقين واليسر .
وقيل : طوبى ، اسم شجرة في الجنة .
قال ابن كثير ما ملخصه : قوله { طوبى لَهُمْ } قال ابن عباس : أى فرح وقرة عين لهم .
وقال الضحاك : أى غبطة لهم . وقال إبراهيم النخعى : أى خير لهم .
وقال قتادة : طوبى ، كلمة عربية . يقول الرجل لغيره : طوبى لك أى : أصبت خيراً .
وقال سعيد بن جبير بن ابن عباس { طوبى لَهُمْ } قال : هي أرض الجنة بالحبشية .
وقال سعيد بن مشجوج { طوبى } اسم الجنة بالهندية .
وروى ابن جرير عن شهر بن حوشب قال : { طوبى } : شجرة في الجنة كل شجر الجنة منها .
وهكذا روى عن ابن عباس وأبى هريرة وغير واحد من السلف ، " أن طوبى شجرة في الجنة ، في كل دار في الجنة غصن منها " .
والمآب : المرجع والمنقلب من الأوب وهو الرجوع . يقال : آب يئوب أوبا وإبابا ومآبا إذا رجع .
والمعنى : الذين آمنوا وعملوا الأعمال الصالحات لهم في آخرتهم ، عيش طيب . وخير كامل ، ومرجع حسن يرجعون به إلى ربهم وخالقهم .
و { الذين } الثاني ابتداء وخبره : { طوبى لهم } ويصح أن يكون { الذين } بدلاً من الأول . و { طوبى } ابتداء و { لهم } خبره . و { طوبى } اسم ، يدل على ذلك كونه ابتداء . وهي فعلى من الطيب في قول بعضهم ، وذهب سيبويه بها مذهب الدعاء وقال : هي في موضع رفع ، ويدل على ذلك رفع { وحسن }{[6963]} . وقال ثعلب : { طوبى } مصدر . وقرىء «وحسنَ بالنصب ف { طوبى } على هذا مصدر كما قالوا : سقياً لك ، ونظيره من المصادر الرجعى والعقبى . قال ابن سيده : والطوبى جمع طيبة عن كراع . ونظيره كوسى في جمع كيسة وضوفى في جمع ضيفة .
قال القاضي أبو محمد : والذي قرأ : » وحسنَ «بالنصب هو يحيى بن يعمر وابن أبي عبلة واختلف في معنى { طوبى } فقيل : خير لهم ، وقال عكرمة : معناه نعم ما لهم ، وقال الضحاك : معناه : غبطة لهم . وقال ابن عباس : { طوبى } : اسم الجنة بالحبشية ، وقال سعيد بن مسجوع : اسم الجنة { طوبى } بالهندية ، وقيل { طوبى } : اسم شجرة في الجنة - وبهذا تواترت الأحاديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «طوبى : شجرة في الجنة ، يسير الراكب المجدّ في ظلها مائة عام لا يقطعها ، اقرؤوا إن شئتم { وظل ممدود }{[6964]} [ الواقعة : 30 ] » . وحكى الطبري عن أبي هريرة وعن مغيث بن سميّ وعتبة بن عبد يرفعه أخباراً مقتضاها : أن هذه الشجرة ليس دار في الجنة إلا وفيها من أغصانها ، وأنها تثمر بثياب أهل الجنة ، وأنه يخرج منها الخيل بسروجها ولجمها ونحو هذا مما لم يثبت سنده .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.