الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ طُوبَىٰ لَهُمۡ وَحُسۡنُ مَـَٔابٖ} (29)

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله { طوبى لهم } قال : فرح وقرة عين .

وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، عن عكرمة - رضي الله عنه - في قوله { طوبى لهم } قال : نعم ما لهم .

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ ، عن الضحاك - رضي الله عنه - في قوله { طوبى لهم } قال : غبطة لهم .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله { طوبى لهم } قال : حسنى لهم . وهي كلمة من كلام العرب .

وأخرج ابن جرير عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله { طوبى لهم } قال : هذه كلمة عربية ، يقول الرجل طوبى لك ، أي أحببت خيرا .

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ ، عن إبراهيم - رضي الله عنه - في قوله { طوبى لهم } قال : الخير والكرامة الذي أعطاهم الله سبحانه وتعالى .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله { طوبى لهم } قال : الجنة .

وأخرج ابن جرير عن عكرمة - رضي الله عنه - في قوله { طوبى لهم } قال : الجنة بالحبشية .

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : لما خلق الله الجنة وفرغ منها قال { الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب } وذلك حين أعجبته .

وأخرج جرير وأبو الشيخ ، عن سعيد بن مسجوح - رضي الله عنه - قال { طوبى } اسم الجنة بالهندية .

وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير - رضي الله عنه - قال { طوبى } اسم الجنة بالهندية .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : { طوبى } اسم شجرة في الجنة .

وأخرج عبد الرزاق وابن أبي الدنيا في صفة الجنة ، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : { طوبى } شجرة في الجنة ، يقول الله تعالى لها : تفتقي لعبدي عما شاء . فتنفتق له عن الخيل بسروجها ولجمها ، وعن الإبل برحالها وأزمتها ، وعما شاء من الكسوة .

وأخرج ابن جرير من طريق معاوية بن قرة - رضي الله عنه - عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " طوبى ، شجرة غرسها الله تعالى بيده ، ونفخ فيها من روحه ، تنبت بالحلى والحلل ، وإن أغصانها لترى من وراء سور الجنة .

وأخرج أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور ، عن عتبة بن عبد - رضي الله عنه - قال : جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " يا رسول الله ، في الجنة فاكهة ؟ قال : نعم ، فيها شجرة تدعى طوبى ، هي نطاق الفردوس . قال : قال أي شجر أرضنا تشبه ؟ قال : ليس تشبه شيئا من شجر أرضك . ولكن ، أتيت الشام ؟ قال : لا . قال : فإنها تشبه شجرة بالشام تدعى الجوزة ، تنبت على ساق واحد ثم ينشر أعلاها . قال : ما عظم أصلها ؟ قال : لو ارتحلت جذعة من إبل أهلك ما أحطت بأصلها حتى تنكسر ترقوتاها هرما . قال فهل فيها عنب ؟ قال : نعم . قال : ما عظم العنقود منه ؟ قال : مسيرة شهر للغراب الأبقع " .

وأخرج أحمد وأبو يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان وابن مردويه والخطيب في تاريخه ، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن رجلا قال : " يا رسول الله ، طوبى لمن رآك وآمن بك ؟ قال : { طوبى } لمن رآني وآمن ، وطوبى ثم طوبى لمن آمن بي ولم يرني . قال رجل : وما طوبى ؟ ! . . . قال : شجرة في الجنة مسيرة مائة عام ، تخرج من أكمامها " .

وأخرج ابن أبي شيبة في صفة الجنة ، وابن أبي حاتم عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما منكم من أحد يدخل الجنة ، إلا انطلق به إلى طوبى ، فتنفتح له أكمامها فيأخذ له من أي ذلك شاء . إن شاء أبيض وإن شاء أحمر وإن شاء أخضر وإن شاء أصفر وإن شاء أسود . مثل شقائق النعمان وأرق وأحسن " .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن سيرين - رضي الله عنه - قال : شجرة في الجنة أصلها في حجرة علي ، وليس في الجنة حجرة إلا وفيها غصن من أغصانها .

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، عن أبي جعفر ، رجل من أهل الشام قال : إن ربك أخذ لؤلؤة فوضعها ، ثم دملجها ثم فرشها وسط الجنة فقال لها امتدي حتى تبلغي مرضاتي . ففعلت ، ثم أخذ شجرة فغرسها وسط اللؤلؤة ، ثم قال لها : امتدي ففعلت ، فلما استوت تفجرت من أصولها أنهار الجنة ، وهي طوبى .

وأخرج ابن أبي حاتم عن فرقد السبخي - رضي الله عنه - قال : أوحى الله إلى عيسى ابن مريم عليه السلام في الإنجيل : يا عيسى ، جد في أمري ولا تهزل ، واسمع قولي وأطع أمري . يا ابن البكر البتول ، إني خلقتك من غير فحل ، وجعلتك وأمك آية للعالمين ، فإياي فاعبد ، وعلي فتوكل ، وخذ الكتاب بقوة . قال عيسى عليه السلام : أي رب ، أي كتاب آخذ بقوة ؟ . . . قال : خذ كتاب الإنجيل بقوة ، ففسره لأهل السريانية ، وأخبرهم أني أنا الله لا إله إلا أنا الحي القيوم البديع الدائم ، الذي لا زوال له ، فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يكون في آخر الزمان ، فصدقوه واتبعوه صاحب الجمل والمدرعة والهراوة والتاج ، الأنجل العين ، المقرون الحاجبين ، صاحب الكساء الذي إنما نسله من المباركة - يعني خديجة - يا عيسى ، لها بيت من لؤلؤ من قصب موصل بالذهب ، لا يسمع فيه أذى ولا نصب ، لها ابنة - يعني فاطمة ، ولها ابنان فيستشهدان - يعني الحسن والحسين - طوبى لمن سمع كلامه وأدرك زمانه وشهد أيامه . قال عيسى عليه السلام : يا رب ، وما طوبى ؟ قال : شجرة في الجنة ، أنا غرستها بيدي وأسكنتها ملائكتي ، أصلها من رضوان ، وماؤها من تسنيم " .

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، عن مجاهد - رضي الله عنه - قال { طوبى } في الجنة ، حملها مثال ثدي النساء ، فيه حلل أهل الجنة .

وأخرج ابن أبي الدنيا في العزاء ، وابن أبي حاتم عن خالد بن معدان - رضي الله عنه - قال : إن في الجنة شجرة يقال له طوبى ، ضروع كلها ، ترضع صبيان أهل الجنة ، فمن مات من الصبيان الذين يرضعون ، رضع من طوبى ، وإن سقط المرأة يكون في نهر من أنهار الجنة يتقلب فيه حتى تقوم القيامة ، فيبعث ابن أربعين سنة .

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ ، عن شهر بن حوشب قال { طوبى } شجرة في الجنة ، كل شجرة في الجنة منها أغصانها من وراء سور الجنة .

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ ، عن وهب بن منبه - رضي الله عنه - قال : إن في الجنة شجرة يقال لها طوبى ، يسير الراكب في ظلها مائة عام ما يقطعها ، زهرها رياط ، وورقها برود ، وقضبانها عنبر ، وبطحاؤها ياقوت ، وترابها كافور ، ووحلها مسك ، يخرج من أصلها أنهار الخمر واللبن والعسل ، وهي مجلس من مجالس أهل الجنة ، ومتحدث بينهم .

فبينما هم في مجلسهم ، إذ أتتهم ملائكة من ربهم يقودون خيما مزمومة بسلاسل من ذهب ، وجوهها كالمصابيح من حسنها ، ووبرها كخد المرعزي من لينه ، عليها رحال ألواحها من ياقوت ، ودفوفها من ذهب ، وثيابها من سندس واستبرق ، فينيخونها ويقولون : ربنا أرسلنا إليكم لتزوره . فيركبوها ، فهي أسرع من الطائر وأوطأ من الفراش ، نجباء من غير مهنة ، يسير الرجل إلى جنب أخيه وهو يكلمه ويناجيه ، لا يصيب أذن راحلة منها أذن صاحبتها ، ولا تزل راحلة بزلل صاحبتها ، حتى أن الشجرة لتنحى عن طرقهم لئلا يفرق بين الرجل وأخيه .

فيأتون إلى الرحمن الرحيم ، فيسفر لهم عن وجهه الكريم حتى ينظروا إليه ، فإذا رأوه قالوا : اللهم أنت السلام ومنك السلام وحق لك الجلال والإكرام . ويقول عز وجل عند ذلك : أنا السلام ومني السلام وعليكم حقت رحمتي ومحبتي ، مرحبا بعبادي الذين خشوني بالغيب وأطاعوا أمري . فيقولون : ربنا إنا لم نعبدك حق عبادتك ولم نقدرك حق قدرك ، فأذن لنا في السجود قدامك . فيقول الله عز وجل : إنها ليست بدار نصب ولا عبادة ، ولكنها دار ملك ونعيم ، وإني قد رفعت عنكم نصب العبادة فسلوني ما شئتم ، فإن لكل رجل منكم أمنيته . فيسألونه حتى إن أقصرهم أمنية ليقول : رب ، تنافس أهل الدنيا في دنياهم فتضايقوا فيها . رب ، فائتني كل شيء كانوا فيه من يوم خلقتها إلى أن انتهت الدنيا ، فيقول الله عز وجل : لقد قصرت بك أمنيتك ، ولقد سألت دون منزلتك ، هذا لك مني وسأتحفك بمنزلتي ، لأنه ليس في عطائي نكد ولا تصريد ، ثم يقول : اعرضوا على عبادي ما لم تبلغ أمانيهم ولم يخطر على بال .

فيعرضون عليهم حتى تقصر بهم أمانيهم التي في أنفسهم ، فيكون فيما يعرضون عليهم : براذين مقرنة ، على كل أربعة منهم سرير من ياقوتة واحدة ، على كل منها قبة من ذهب مفرغة ، في كل قبة منها فرش من فرش الجنة مظاهرة ، في كل قبة منها جاريتان من الحور العين ، على كل جارية منهن ثوبان من ثياب الجنة ، وليس في الجنة ألوان إلا وهو فيهما ، ولا ريح طيبة إلا وقد عبقتا به ، ينفذ ضوء وجوههما غلظ القبة ، حتى يظن من يراهما أنهما من دون القبة ، يرى مخهما من فوق أسرتهما كالسلك الأبيض من ياقوتة حمراء ، يريان له من الفضل على صاحبته كفضل الشمس على الحجارة ، أو أفضل . ويرى هو لهما مثل ذلك ، ثم يدخل إليهما فيجيئآنه ويقبلانه ويعانقانه ، ويقولان له : والله ما ظننا أن الله يخلق مثل ذلك . ثم يأمر الله تعالى الملائكة فيسيرون بهم صفا في الجنة ، حتى ينتهي كل رجل منهم إلى منزله الذي أعد له " .

وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر ، عن وهب بن منبه - رضي الله عنه - عن محمد بن علي بن الحسين بن فاطمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن في الجنة شجرة يقال لها طوبى ، لو يسير الراكب الجواب في ظلها ، لسار فيه مائة عام قبل أن يقطعه ، وورقها برود خضر ، وزهرها رياط صفر ، وأقتادها سندس واستبرق ، وثمرها حلل خضر ، وصمغها زنجبيل وعسل ، وبطحاؤها ياقوت أحمر وزمرد أخضر ، وترابها مسك وعنبر ، وكافور أصفر ، وحشيشها زعفران منبع ، والأجوج ناجحان في غير وقود ، ينفجر من أصلها . أنهارها السلسبيل والمعين في الرحيق ، وظلها مجلس من مجالس أهل الجنة يألفونه ، ومتحدث يجمعهم .

فبينما هم يوما في ظلها يتحدثون ، إذ جاءتهم ملائكة يقودون نجبا جبلت من الياقوت ثم نفخ فيها الروح ، مزمومة بسلاسل من ذهب كأن وجوهها المصابيح نضارة ، وبرها خز أحمر ومرعز أحمر يخترطان . لم ينظر الناظرون إلى مثله حسنا وبهاء ، ولا من غير مهانة ، عليها رحال ألواحها من الدر والياقوت ، مفضضة باللؤلؤ والمرجان فأناخوا إليهم تلك النجائب ، ثم قالوا لهم : ربكم يقرئكم السلام ويستزيركم لتنظروا إليه وينظر إليكم ، وتحيونه ويحييكم ، وتكلمونه ويكلمكم ويزيدكم من فضله وسعته إنه ذو رحمة واسعة وفضل عظيم .

فتحول كل رجل منهم على راحلته حتى انطلقوا صفا واحدا معتدلا ، لا يفوت منه شيء ولا يفوت أذن ناقة أذن صاحبتها ، ولا بركة ناقة بركة صاحبها ، ولا يمرون بشجرة من أشجار الجنة إلا أتحفتهم بثمرها ورجلت لهم عن طريقها كراهية أن تثلم صفهم ، أو تفرق بين رجل ورفيقه .

فلما دفعوا إلى الجبار تعالى ، سفر لهم عن وجهه الكريم وتجلى لهم في عظمته العظيم يحييهم بالسلام . فقالوا : ربنا أنت السلام ، ومنك السلام ، لك حق الجلال والإكرام . قال لهم ربهم : أنا السلام ومني السلام ولي حق الجلال والإكرام ، فمرحبا بعبادي الذين حفظوا وصيتي ورعوا عهدي وخافوني بالغيب ، وكانوا مني على كل حال مشفقين . قالوا : أما وعزتك وعظمتك وجلالك وعلو مكانك ، ما قدرناك حق قدرك ، ولا أدينا إليك كل حقك ، فأذن لنا بالسجود لك . قال لهم ربهم : إني قد وضعت عنكم مؤنة العبادة وأرحت لكم أبدانكم طالما نصبتم لي الأبدان وأعنتم لي الوجوه ، فالآن أفضتم إلى روحي ورحمتي وكرامتي وطولي وجلالي وعلو مكاني وعظمة شأني .

فما يزالون في الأماني والعطايا والمواهب حتى أن المقصر منهم في أمنيته ليتمنى مثل جميع الدنيا منذ يوم خلقها الله تعالى إلى يوم يفنيها .

قال لهم ربهم : لقد قصرتم في أمانيكم ورضيتم بدون ما يحق لكم ، فقد أوجبت لكم ما سألتم وتمنيتم ، وألحقت بكم وزدتكم ما قصرت عنه أمانيكم . . . فانظروا إلى مواهب ربكم التي وهبكم . . . فإذا بقباب في الرفيق الأعلى وغرف مبنية من الدر والمرجان ، أبوابها من ذهب وسررها من ياقوت وفرشها من سندس واستبرق ، ومنابرها من نور يفور من أبوابها ، وأعراصها نور مثل شعاع الشمس عنده مثل الكوكب الدري في النهار المضيء ، وإذا بقصور شامخة في أعلى عليين من الياقوت يزهر نورها . فلولا أنه مسخر إذن لالتمع الأبصار ، فما كان من تلك القصور من الياقوت الأبيض ، فهو مفروش بالحرير الأبيض . وما كان منها من الياقوت الأحمر ، فهو مفروش بالعبقري . وما كان منها من الياقوت الأخضر ، فهو مفروش بالسندس الأخضر . وما كان منها من الياقوت الأصفر ، فهو مفروش بالأرجوان الأصفر مبوبة بالزمرد الأخضر والذهب الأحمر والفضة البيضاء . قواعدها وأركانها من الجوهر ، وشرفها قباب من لؤلؤ ، وبروجها غرف من المرجان .

فلما انصرفوا إلى ما أعطاهم ربهم ، قربت لهم براذين من ياقوت أبيض منفوخ فيها الروح ، بجنبها الولدان المخلدون ، بيد كل وليد منهم حكمة برذون من تلك البراذين ، ولجمها وأعنتها من فضة بيضاء منظومة بالدر والياقوت ، سروجها سرر موضونة مفروشة بالسندس والاستبرق ، فانطلقت بهم تلك البراذين تزف بهم وتطأ رياض الجنة .

فلما انتهوا إلى منازلهم وجدوا الملائكة قعودا على منابر من نور ينتظرونهم ليزوروهم ويصافحوهم ويهنؤوهم كرامة ربهم . فلما دخلوا قصورهم وجدوا فيها جميع ما تطاول به عليهم ربهم مما سألوا وتمنوا ، وإذا على باب كل قصر من تلك القصور أربعة جنان { جنتان } { ذواتا أفنان } وجنتان { مدهامتان } و ( فيهما عينان نضاختان ) ( سورة الرحمن آية 66 ) وفيهما من كل فاكهة زوجان و ( حور مقصورات في الخيام ) ( سورة الرحمن آية 72 )

فلما تبوأوا منازلهم واستقروا قرارهم ، قال لهم ربهم : هل وجدتم ما وعد ربكم حقا ؟ قالوا : نعم وربنا . قال : هل رضيتم بثواب ربكم ؟ قالوا : ربنا رضينا فارض عنا . قال : برضاي عنكم حللتم داري ونظرتم إلى وجهي وصافحتم ملائكتي ، فهنيئا هنيئا لكم عطاء غير مجذوذ ليس فيه تنغيص ولا تصريد ، فعند ذلك قالوا : الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن وأحلنا دار المقامة من فضله ، لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب ، إن ربنا لغفور شكور " .

وأخرج عبد بن حميد ، عن زيد مولى بني مخزوم قال : سمعت أبا هريرة - رضي الله عنه - يقول : إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها ، واقرؤوا إن شئتم ( وظل ممدود ) فبلغ ذلك كعبا - رضي الله عنه - فقال : صدق والذي أنزل التوراة على موسى ، والفرقان على محمد صلى الله عليه وسلم . لو أن رجلا ركب حقة أو جذعة ثم دار بأصل تلك الشجرة ما بلغها حتى يسقط هرما . إن الله عز وجل غرسها بيده ونفخ فيها من روحه ، وإن أفنانها من وراء سور الجنة ، وما في الجنة نهر إلا يخرج من أصل تلك الشجرة .

وأخرج ابن جرير عن مغيث بن سمي - رضي الله عنه - قال : { طوبى } شجرة في الجنة ، لو أن رجلا ركب قلوصا جذعا أو جذعة ، ثم دار بها ، لم يبلغ المكان الذي ارتحل منه حتى يموت هرما . وما من أهل الجنة منزل إلا غصن من تلك الشجرة متدل عليهم ، فإذا أرادوا أن يأكلوا من الثمرة تدلى إليهم فيأكلون ما شاؤوا . ويجيء الطير فيأكلون منه قديدا وشويا ما شاؤوا ثم يطير .

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي صالح - رضي الله عنه - قال : { طوبى } شجرة في الجنة ، لو أن راكبا ركب حقة أو جذعة فأطاف بها ، ما بلغ ذلك الموضع الذي ركب فيه حتى يقتله الهرم .

وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم { طوبى } فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " يا أبا بكر ، هل بلغك طوبى ؟ قال : الله تعالى ورسوله أعلم . قال : { طوبى } شجرة في الجنة لا يعلم طولها إلا الله تعالى ، يسير الراكب تحت غصن من أغصانها سبعين خريفا . ورقها الحلل ، يقع عليها الطير كأمثال البخت . قال أبو بكر - رضي الله عنه - : إن ذلك الطير ناعم ، قال : أنعم منه من يأكله ، وأنت منهم يا أبا بكر إن شاء الله " .

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " طوبى ، شجرة في الجنة غرسها الله بيده ونفخ فيها من روحه ، وإن أغصانها لترى من وراء سور الجنة ، تنبت الحلي ، والثمار منهدلة على أفواهها " .

وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وهناد بن السري في الزهد ، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، عن مغيث بن سمي - رضي الله عنه - قال : { طوبى } شجرة في الجنة ليس في الجنة دار إلا يظلها غصن من أغصانها ، فيه من ألوان الثمر . ويقع عليها طير أمثال البخت ، فإذا اشتهى الرجل طيرا دعاه فيقع على خوانه ، فيأكل من إحدى جانبيه شواء ، والآخر قديدا ، ثم يصير طائرا فيطير فيذهب .

وأخرج ابن أبي الدنيا في العزاء ، وابن أبي حاتم عن خالد بن معدان - رضي الله عنه - قال : إن في الجنة شجرة يقال لها طوبى ، كلها ضروع ، فمن مات من الصبيان الذين يرضعون رضع من طوبى .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن سعيد بن جبير - رضي الله عنه - في قوله { طوبى لهم } قال : غبطة { وحسن مآب } قال : حسن مرجع .

وأخرج أبو الشيخ عن السدي - رضي الله عنه - { وحسن مآب } قال : حسن منقلب .

وأخرج ابن جرير عن الضحاك - رضي الله عنه - مثله .