قوله : { الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات } فيه أوجه :
أن يكون بدلاً من " القُلوب " على حذف مضاف أي : قلوب الذين آمنوا وأن يكون بدلاً من " مَنْ أنَابَ " ، وهذا على قول من لم يجعل الموصول الأول بدلاً من " مَنْ أنَابَ " وإلا كان يتوالى بدلان ، وأن يكون مبتدأ ، و " طُوبَى " جملة خبرية ، وأن تكون خبر مبتدأ مضمر ، وأن يكون منصوباً بإضمار فعل ، والجملة من " طُوبى لَهُمْ " على هذين الوجهين حال مقدرة ، والعامل فيها ءامَنُوا " و " عَمِلُوا : .
قوله " طُوبى لَهُم " وتاو " طُوبَى " منقلبة عن ياء ، لأنها من الطيب وإنما قلبت لأجل الضمة قبلها ، كموسر وموقن من اليسر واليقين واختلفوا فيها ، فقيل : هي اسم مفرد مصدري ، كبُشْرَى ورُجْعَى من طَابَ يطِيبُ .
وقيل : بل هي جمع طيبة ، كما قالوا : كوسى في جمع كيسة ، وضُوقَى في جمع ضِيقَة .
ويجوز أن يقال : طِيبى ، بكسر الباء ، وكذلك الكِيسَى والضِّيقَى . وهل هي اسم شجرة بعينها أو اسم للجنة بلغة الهند أو الحبشة ؟ .
وجاز الابتداء ب " طُوبَى " إما لأنها علم لشيء بعينه ، وإما لأنها نكرة في معنى الدعاء ، كسلام عليك ، وويل لك ، كذا قال سيبويه .
وقال ابن مالك رحمه الله : " إنه يلتزم رفعها بالابتداء ، ولا يدخل عليها نواسخه " وهذا يرد عليه : أن بعضهم جعلها في هذا الآية منصوبة بإضمار فعل ، اي : وجعل لهم طوبى ، وقد تأيد ذلك بقراءة عيسى الثقفي " وحُسْنَ مآبٍ " بنصب النون ، قال : إنه معطوف على " طُوبَى " وأنها في موضع نصب .
قال ثعلب : و " طُوبَى " على هذا مصدر ، كما قال : " سقيا " .
وخرج هذه القراءة صاحب اللوامح على النداء ، كيا أسَفَى على الفوت ، يعنى أن " طُوبَى " مضاف للضمير معه واللام مقحمة ؛ كقوله : [ البسيط ]
3178 . . . . . . . . . . . . . . *** يَا بُؤسَ لِلجَهْلِ ضَرَّاراً الأقْوامِ
3178 يَا بُؤسَ لِلحَرْبِ الَّتِي *** وضَعْتْ أرَاهِطَ قاستراحُوا
ولذلك سقط التنوين من " بُؤسَ : كأنه قيل : يا طيبا ، أي : ما أطيبهم وأحسن مآبهم .
قال الزمخشري : " ومعنى " طُوبَى لَكَ " : أصحبت خيراً ، و " طيبا " ومحلها النصب أو الرفع ، كقولك : طيبا لك وطيبٌ لك ، وسلاماً لك وسلام لك والقراءة ف يقوله " وحُسن مَآبٍ " بالنصب والرفع يدل على محلها ، واللام في " لَهُمْ " للبيان مثلها في " سقيا لك " فهذا يدل على أنها تتصرف ، ولا يلزم الرفع بالابتداء .
وقرأ مكوزوة الأعرابي : " طِيبَى " بكسر الطاء لتسليم الياء ، نحو : بيض ومعيشة .
وقرىء : " وحُسْنَ مَآبٌ " بفتح النون ورفع " مآبٌ " على أنه فعل ماض ، أصله حَسُنَ فنقلت ضمة العين إلى الفاء قصداً للمدح ، كقوله : حسن ذا أدب ، و " مَآبُ " فاعله .
قال ابن عباس رضي الله عنهما : طوبى ، فرح لهم وقرة عين .
وقال عكرمة : نعم ما لهم . وقال قتادة : حسنى لهم .
وقال معمر عن قتادة : هذه كلمة عربية ، يقول الرجل : طوبى لك ، أي : أصبت خيراً .
وقال إبراهيم رحمه الله : خير لهم وكرامة . وقال الفراء : وفيه لغتان : تقول العرب : طوباك ، وطوبى لك ، أي لهم الطيب " وحُسْنَ مَآبٍ " أي : حسن المنقلب .
وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس : " طُوبَى : اسم الجنة بالحبشية .
وقال الربيع : البستان بلغة الهند . وقال الزجاج : العيش الطيب لهم وروي عن أبي أمامة وأبي هريرة وأبي الدرجاء قالوا : طوبى شجرة في الجنة تظل الجنان كلها وقيل فيها غير ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.