ثم ختم - سبحانه - هذه الآيات بتوجيه رسوله صلى الله عليه وسلم إلى أن يقول لهم قولا يخرس به ألسنتهم ، ويبطل حججهم فقال : { قُلْ أَرُونِيَ الذين أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَآءَ } والرؤية هنا بصرية . ومفعولها الأول الياء ، ومفعلوها الثانى الاسم الموصول ، ولفظ شركاء : حال .
أى : وقل لهم - أيضا - للمرة الخامسة على سبيل إلزامهم الحجة : أرونى وأطلعونى على أصناكم التى ألحقتموها بالله - تعالى - فى العبادة ، واتخذتموها شركاء له فى الطاعة . . إنها ما هى إلا أشياء لا تضر ولا تنفع ، وأنتم تعرفون ذلك عنها ، وها هى أمامكم واقعها وحالها ينببئ بعجزها التام ، فكيف أشركتموها مع الله - تعالى - فى العبادة والطاعة ؟
فالمقصود من الرؤية هنا علمية ، فيكون لفظ { شُرَكَآءَ } هو المفعول الثالث .
أى : عرفونى الأصنام والأوثان التى جعلتموها شركاء لله - تعالى - فى العبادة .
ثم زجرهم - سبحانه - عن هذا الضلال فقال : { كَلاَّ بَلْ هُوَ الله العزيز الحكيم } أى : كلا ليس الأمر كما زعتم من أن لله - تعالى - شركاء ، بل هو - سبحانه - العزيز الذى لا يغلبه غالب ، الحكيم فى كل أقواله وأفعاله .
وهكذا نجد الآيات الكريمة قد لقنت النبى صلى الله عليه وسلم الحجج التى يرد بها على المشركين ، والتى من شأنها أن تحملهم على اعتناق الحق ، واجتناب الباطل ، لو كانوا يعقلون .
وقوله : { قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ } أي : أروني هذه الآلهة التي جعلتموها لله أندادا وصيَّرتموها له عدْلا . { كَلا } أي : ليس له نظير ولا نَديد ، ولا شريك ولا عديل ، ولهذا قال : { بَلْ هُوَ اللَّهُ } : أي : الواحد الأحد الذي لا شريك له { الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } أي : ذو العزة التي قد قهر بها كل شيء ، وَغَلَبت كل شيء ، الحكيم في أفعاله وأقواله ، وشرعه وقدره ، تعالى وتقدس .
{ قل أروني الذين ألحقتم به شركاء } لأرى بأي صفة ألحقتموهم بالله في استحقاق العبادة ، وهو استفسار عن شبهتهم بعد إلزام الحجة عليهم زيادة في تبكيتهم . { كلا } ردع لهم عن المشاركة بعد إبطال المقايسة . { بل هو الله العزيز الحكيم } الموصوف بالغلبة وكمال القدرة والحكمة ، وهؤلاء الملحقون به متسمون بالذلة متأبية عن قبول العلم والقدرة رأسا ، والضمير لله أو للشأن .
وقوله تعالى { قل أروني } يحتمل أن تكون رؤية قلب فيكون قوله { شركاء } مفعولاً ثالثاً وهذا هو الصحيح أي أروني بالحجة والدليل كيف وجه الشركة وقالت فرقة هي رؤية بصر و { شركاء } حال من الضمير المفعول ب { ألحقتم } العائد على { الذين } .
قال الفقيه الإمام القاضي : وهذا ضعيف لأن استدعاء رؤية العين في هذا لا غناء له ، وقوله { كلا } رد لما تقرر من مذهبهم في الإشراك بالله تعالى ووصف نفسه عز وجل باللائق به من العزة والحكمة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.