المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{رَبَّنَآ إِنَّكَ جَامِعُ ٱلنَّاسِ لِيَوۡمٖ لَّا رَيۡبَ فِيهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُخۡلِفُ ٱلۡمِيعَادَ} (9)

9- ربنا إنك جامع الناس ليوم لا شك فيه لتجازي كلاً على ما فعل ، فقد وعدت بذلك وأنت لا تخلف الميعاد .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{رَبَّنَآ إِنَّكَ جَامِعُ ٱلنَّاسِ لِيَوۡمٖ لَّا رَيۡبَ فِيهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُخۡلِفُ ٱلۡمِيعَادَ} (9)

ثم حكى - سبحانه - ضراعة أخرى تضرع بها المؤمنون إلى خالقهم فقال : { رَبَّنَآ إِنَّكَ جَامِعُ الناس لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ } .

أي : يا ربنا إنك جامع الناس : محسنهم ومسيئهم ، مؤمنهم وكافرهم . ليوم لا شك في وقوعه وحصوله وهو يوم الحساب والجزاء ، لتجازى الذين أساءوا بما عملوا وتجازى الذين أحسنوا بالحسنى . فأنت - سبحانك - لم تخلق الخلق عبثا ، ولن تتركهم سدى ، وإنما خلقتهم لرسالة عظمى هي عبادتك وطاعتك . فمن استجاب لك تفضلت عليه بالثواب العظيم ، ومن أعرض عن طاعتك عاقبته بما يستحقه .

وقوله { إِنَّ الله لاَ يُخْلِفُ الميعاد } تعليل لمضمون الجملة المؤكدة أو لانتفاء الريب في وقوع يوم القيامة وما فيه من ثواب وعقاب .

أي إنك يا مولانا لا تخلف ما أخبرت به عبادك من أن هناك يوما لا شك في وقوعه ، تجازى فيه الناس على أعمالهم بمقتضى إرادتك ومشيئتك .

وفي هذه الآية الكريمة إشعار بأن نهاية أمل المؤمنين أن يظفروا بالجزاء الحسن من خالقهم يوم القيامة ، لأنهم بعد أن سألوه تثبيت الإيمان وسعة الرحمة ، توجوا إليه بالمقصود الأعظم وهو حسن الثواب يوم القيامة . فكأنهم قالوا - كما يقول الرازي - : ليس الغرض من تلك الدعوات ما يتعلق بمصالح الدنيا فإنها فانية ؛ وإنما الغرض الأعظم منه ما يتعلق بالآخرة فإنا نعلم أنك يا إلهنا جامع الناس للجزاء في يوم القيامة ، ونعلم أن وعدك لا يكون خلفا ، وكلامك لا يكون كذبا فمن زاغ قلبه بقى هناك في العذاب أبد الآباد ، ومن أعطيته التوفيق والهداية والرحمة وجعلته من المؤمنين ، بقى هناك في السعادة والكرامة أبد الآبدين فالغرض الأعظم من ذلك الدعاء ما يتعلق بالآخرة " .

وبذلك نرى أن هاتين الآيتين الكريمتين قد اشتملنا على دعوات كريمات بليغات ، من شأنها أن تسعد الناس في دينهم ودنياهم . والله نسأل أن ينفعنا بها إنه مجيب الدعاء ، وأرحم الراحمين .

وبعد هذا الدعاء الجامع الحكيم الذي حكاه الله - تعالى - عن عباده المؤمنين عقب ذلك بالحديث عن الكافرين ، وعن أسباب كفرهم وغرورهم ، وعن سوء عاقبتهم فقال تعالى : { إِنَّ الذين كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ . . . . } .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{رَبَّنَآ إِنَّكَ جَامِعُ ٱلنَّاسِ لِيَوۡمٖ لَّا رَيۡبَ فِيهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُخۡلِفُ ٱلۡمِيعَادَ} (9)

وقوله : { رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ } أي : يقولون في دعائهم : إنك - يا ربنا - ستجمع بين خلقك يوم معادهم ، وتفصل بينهم وتحكم فيهم{[4814]} فيما اختلفوا فيه ، وتجزي كلا بعمله ، وما كان عليه في الدنيا من خير وشر .


[4814]:في أ، و: "بينهم".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{رَبَّنَآ إِنَّكَ جَامِعُ ٱلنَّاسِ لِيَوۡمٖ لَّا رَيۡبَ فِيهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُخۡلِفُ ٱلۡمِيعَادَ} (9)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ رَبّنَآ إِنّكَ جَامِعُ النّاسِ لِيَوْمٍ لاّ رَيْبَ فِيهِ إِنّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ }

يعني بذلك جل ثناؤه : أنهم يقولون أيضا مع قولهم آمنا بما تشابه من آي كتاب ربنا كل المحكم والمتشابه الذي فيه من عند ربنا يا ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه ، إن الله لا يخلف الميعاد . وهذا من الكلام الذي استغني بذكر ما ذكر منه عما ترك ذكره . وذلك أن معنى الكلام : ربنا إنك جامع الناس ليوم القيامة فاغفر لنا يومئذٍ ، واعف عنا ، فإنك لا تخلف وعدك ، أن من آمن بك ، واتبع رسولك ، وعمل بالذي أمرته به في كتابك أنك غافره يومئذٍ . وإنما هذا من القوم مسألة ربهم أن يثبتهم على ما هم عليه من حسن بصرتهم بالإيمان بالله ورسوله ، وما جاءهم به من تنزيله ، حتى يقبضهم على أحسن أعمالهم وإيمانهم ، فإنه إذا فعل ذلك بهم وجبت لهم الجنة ، لأنه قد وعد من فعل ذلك به من عباده أنه يدخله الجنة ، فالاَية وإن كانت قد خرجت مخرج الخبر ، فإن تأويلها من القوم مسألة ودعاء ورغبة إلى ربهم .

وأما معنى قوله : { لِيَوْمٍ لاَ رَيْبَ فِيهِ } فإنه لا شك فيه . وقد بينا ذلك بالأدلة على صحته فيما مضى قبل .

ومعنى قوله : { لِيَوْمٍ } في يوم ، وذلك يوم يجمع الله فيه خلقه لفصل القضاء بينهم في موقف العرض والحساب ، والميعاد : المفعال من الوعد .