المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَإِن تُطِعۡ أَكۡثَرَ مَن فِي ٱلۡأَرۡضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِنۡ هُمۡ إِلَّا يَخۡرُصُونَ} (116)

116- وإذا كان سبحانه هو الحكم العدل الذي يُرْجَعُ إلى كتبه في طلب الحق ومعرفته ، فلا تتبع - أيها النبي - أنت ومن معك أحداً يخالف قوله الحق ، ولو كانوا عدداً كثيراً . فإنك إن تتبع أكثر الناس الذين لا يعتمدون على شرع مُنزل يبعدوك عن طريق الحق المستقيم وهو طريق الله تعالى ، لأنهم لا يسيرون إلا وراء الظنون والأوهام ، وإن هم إلا يقولون عن تخمين لا يُبني على برهان .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَإِن تُطِعۡ أَكۡثَرَ مَن فِي ٱلۡأَرۡضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِنۡ هُمۡ إِلَّا يَخۡرُصُونَ} (116)

وبعد أن أقام - سبحانه - الأدلة على وحدانيته وصدق نبيه صلى الله عليه وسلم أتبع ذلك بنهيه صلى الله عليه وسلم من الالتفات إلى جهالات أعدائه فقال - تعالى - : { وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأرض يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ الله } .

أى : وإن تطع أكثر من فى الأرض من الناس الذين استحبوا العمى على الهدى يضلوك عن الطريق المستقيم ، وعن الدين القويم الذى شرعه الله لعباده ، لأن هؤلاء المجادلين ما يتبعون فى جدالهم وعقائدهم وأعمالهم إلا الظن الذى تزينه لهم أهواؤهم ، وما هم ألا يخرصون أى : يكذبون .

وأصل الخرص : القول بالظن . يقال : خرصت النخل خرصاً - من باب قتل - حزرت ثمره وقدرته بالظن والتخمين . واستعمل فى الكذب لما يداخله من الظنون الكاذبة ، فيقال : خرص فى قوله - كنصر - أى : كذب .

قال صاحب المنار : " وهذا الحكم القطعى بضلال أكثر أهل الأرض ظاهر بما بيَّنه به من اتباع الظن والخرص ولا سيما فى ذلك العصر - تؤيده تواريخ الأمم كلها ، فقد اتفقت على أن أهل الكتاب كانوا قد تركوا هداية أنبيائهم وضلوا ضلال بعيداً ، وكذلك أمم الوثنية التى كانت أبعد عهداً عن هداية رسلهم وهذا من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم وهو أمى لم يكن يعلم من أحوال الأمم إلا شيئاً يسيراً من شئون المجاورين لبلاد العرب خاصة " .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِن تُطِعۡ أَكۡثَرَ مَن فِي ٱلۡأَرۡضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِنۡ هُمۡ إِلَّا يَخۡرُصُونَ} (116)

114

وإلى جانب تقرير أن " الحق " هو ما تضمنه الكتاب الذي أنزله الله ، يقرر أن ما يقرره البشر وما يرونه إن هو إلا اتباع الظن الذي لا يقين فيه ؛ واتباعه لا ينتهي إلا الى الضلال . وأن البشر لا يقولون الحق ولا يشيرون به إلا إذا أخذوه من ذلك المصدر الوحيد المستيقن ؛ ويحذر الرسول [ ص ] أن يطيع الناس في شيء يشيرون به عليه من عند أنفسهم ؛ مهما بلغت كثرتهم ؛ فالجاهلية هي الجاهلية مهما كثر أتباعها الضالون :

( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله . إن يتبعون إلا الظن ، وإن هم إلا يخرصون ) . .

ولقد كان أكثر من في الأرض - كما هو الحال اليوم بالضبط - من أهل الجاهلية . . لم يكونوا يجعلون الله هو الحكم في أمرهم كله ، ولم يكونوا يجعلون شريعة الله التي في كتابه هي قانونهم كله . ولم يكونوا يستمدون تصوراتهم وأفكارهم ، ومناهج تفكيرهم ومناهج حياتهم من هدى الله وتوجيهه . . ومن ثم كانوا - كما هو الحال اليوم - في ضلالة الجاهلية ؛ لا يملكون أن يشيروا برأي ولا بقول ولا بحكم يستند على الحق ويستمد منه ؛ ولا يقودون من يطيعهم ويتبعهم إلا الى الضلال . . كانوا - كما هم اليوم - يتركون العلم المستيقن ويتبعون الظن والحدس . . والظن والحدس لا ينتهيان إلا الى الضلال . . وكذلك حذر الله رسوله من طاعتهم واتباعهم كي لا يضلوا عن سبيل الله . . هكذا على وجه الإجمال . وإن كانت المناسبة الحاضرة حينذاك كانت هي مناسبة تحريم بعض الذبائح وتحليل بعضها كما سيجيء في السياق . .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَإِن تُطِعۡ أَكۡثَرَ مَن فِي ٱلۡأَرۡضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِنۡ هُمۡ إِلَّا يَخۡرُصُونَ} (116)

{ وإن تطع أكثر من في الأرض } أي أكثر الناس يريد الكفار ، أو الجهال أو اتباع الهوى . وقيل الأرض أرض مكة . { يضلوك عن سبيل الله } عن الطريق الموصل إليه ، فإن الضال في غالب الأمر لا يأمر إلا بما هو ضلال . { إن يتبعون إلا الظن } وهو ظنهم أن آباءهم كانوا على الحق ، أو جهالاتهم وآرائهم الفاسدة فإن الظن يطلق على ما يقابل العلم . { وإن هم إلا يخرصون } يكذبون على الله سبحانه وتعالى فيما ينسبون إليه كاتخاذ الولد وجعل عبادة الأوثان وصلة إليه ، وتحليل الميتة وتحريم البحائر ، أو يقدرون أنهم على شيء وحقيقته ما يقال عن ظن وتخمين .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِن تُطِعۡ أَكۡثَرَ مَن فِي ٱلۡأَرۡضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِنۡ هُمۡ إِلَّا يَخۡرُصُونَ} (116)

وقوله تعالى : { وإن تطع أكثر من في الأرض } الآية ، المعنى فامض يا محمد لما أمرت به وأنفذ لرسالتك فإنك إن تطع أكثر من في الأرض يضلوك وذكر { أكثر } لأن أهل الأرض حينئذ كان أكثرهم كافرين ولم يكن المؤمنون إلا قلة ، وقال ابن عباس : { الأرض } هنا الدنيا ، وحكي أن سبب هذه الآية أن المشركين جادلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في أمر الذبائح وقالوا : تأكل ما تقتل وتترك ما قتل الله ؟ ، فنزلت الآية ، ووصفهم عز وجل بأنهم يقتدون بظنونهم ويتبعون تخرصهم ، والخرص الحزر والظن{[5072]} .


[5072]:- أصل الخرص: التظني فيما لا تستيقنه، ومنه خرص النخل والكرم إذا حزرت التمر، وجاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالخرص في النخل والكرم خاصة دون الزرع القائم. فالخرص في أصله هو التقدير بغير علم، ثم قيل للكذب: خرص لما يدخله من الظنون الكاذبة، قال تعالى: {قتل الخراصون}، قال الزجاج: الكذابون. (عن اللسان).