المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{ثُمَّ كَانَ عَٰقِبَةَ ٱلَّذِينَ أَسَـٰٓـُٔواْ ٱلسُّوٓأَىٰٓ أَن كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَكَانُواْ بِهَا يَسۡتَهۡزِءُونَ} (10)

10- ثم كانت نهاية الذين ارتكبوا أشد ألوان الإساءة أن جحدوا آيات الله ، وكانوا يُحقِّرون من شأنها .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ثُمَّ كَانَ عَٰقِبَةَ ٱلَّذِينَ أَسَـٰٓـُٔواْ ٱلسُّوٓأَىٰٓ أَن كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَكَانُواْ بِهَا يَسۡتَهۡزِءُونَ} (10)

ثم بين - سبحانه - المصير السيئ الذى حل بهؤلاء الكافرين فقال : { ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الذين أَسَاءُواْ السوء } .

ولفظ " عاقبة " قرأه ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائى - بفتح التاء - على أنه خبر " كان " قدم على اسمها ، وهو لفظ " السوأى " الذى هو تأنيث الأسوأ ، كالحسنى تأنيث الأحسن . وجرد الفعل " كان " من التاء مع أن السوأى مؤنث ، غير حقيقى .

فيكون المعنى : ثم كانت العقوبة السيئة وهى العذاب فى جهنم ، عاقبة الذين عملوا فى دنياهم الأعمال السيئات .

وقرأ الباقون برفع لفظ " عاقبة " على أنه اسم كان ، وخبرها لفظ " السوأى " أى : ثم كانت عاقبة هؤلاء الكافرين الذين أساءوا فى دنياهم ، أسوأ العقوبات ، وأقبحها ، أو كانت عاقبتهم العاقبة السوأى وهى الإِلقاء بهم فى النار وبئس القرار .

وقوله - سبحانه - : { أَن كَذَّبُواْ بِآيَاتِ الله وَكَانُواْ بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ } تعليل لما آل إليه أمرهم من عاقبة سيئة ، أى : لأن كذبوا ، أو بأن كذبوا بحذف حرف الجر .

أى ؛ كانت عاقبتهم فى الآخرة أسوا العقوبات وأقبحها وهى العذاب فى جهنم ، لأنهم فى الدنيا كذبوا بآياتنا الدالة على وحدانيتنا وعلى صدق نبينا صلى الله عليه وسلم وكانوا بها يستهزئون .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ثُمَّ كَانَ عَٰقِبَةَ ٱلَّذِينَ أَسَـٰٓـُٔواْ ٱلسُّوٓأَىٰٓ أَن كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَكَانُواْ بِهَا يَسۡتَهۡزِءُونَ} (10)

ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوأى . . كانت السوأى هي العاقبة التي لقيها المسيئون وكانت جزاء وفاقا على ( أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزئون ) . .

والقرآن الكريم يدعو المكذبين المستهزئين بآيات الله أن يسيروا في الأرض فلا ينعزلوا في مكانهم كالقوقعة ؛ وأن يتدبروا عاقبة أولئك المكذبين المستهزئين ويتوقعوا مثلها ؛ وأن يدركوا أن سنة الله واحدة وأنها لا تحابي أحدا ؛ وأن يوسعوا آفاق تفكيرهم فيدركوا وحدة البشرية ، ووحدة الدعوة ، ووحدة العاقبة في أجيال البشرية جميعا . وهذا هو التصور الذي يحرص الإسلام على أن يطبع به قلب المؤمن وعقله ، ويكرر القرآن الإيقاع حوله كثيرا .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ثُمَّ كَانَ عَٰقِبَةَ ٱلَّذِينَ أَسَـٰٓـُٔواْ ٱلسُّوٓأَىٰٓ أَن كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَكَانُواْ بِهَا يَسۡتَهۡزِءُونَ} (10)

{ ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوءَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ } ، كما قال تعالى : { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } [ الأنعام : 110 ] ، وقوله{[22783]} : { فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ } [ الصف : 5 ] ، وقال : { فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ } [ المائدة : 49 ] .

وعلى هذا تكون{[22784]} السوءى منصوبة مفعولا لأساءوا . وقيل : بل المعنى في ذلك : { ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوءَى } أي : كانت السوءى عاقبتهم ؛ لأنهم كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزئون . فعلى هذا تكون السوءى منصوبة خبر كان . هذا توجيه ابن جرير{[22785]} ، ونقله{[22786]} عن ابن عباس وقتادة . ورواه ابن أبي حاتم عنهما وعن الضحاك بن مُزاحم ، وهو الظاهر ، والله أعلم ، { وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ } .


[22783]:- في ت، ف: "وقال".
[22784]:- في ف: "يكون".
[22785]:- تفسير الطبري (21/18).
[22786]:- في ت: "ومنقول"
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ثُمَّ كَانَ عَٰقِبَةَ ٱلَّذِينَ أَسَـٰٓـُٔواْ ٱلسُّوٓأَىٰٓ أَن كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَكَانُواْ بِهَا يَسۡتَهۡزِءُونَ} (10)

{ ثم } للتراخي الرتبي لأن هذه العاقبة أعظم رتبة في السوء من عذاب الدنيا ، فيجوز أن يكون هذا الكلام تذييلاً لحكاية ما حلّ بالأمم السالفة من قوله { كيف كان عاقبة الذين من قبلهم } [ الروم : 9 ] .

والمعنى : ثم عاقبةُ كل من أساءوا السوأى مثلَهم ، فيكون تعريضاً بالتهديد لمشركي العرب كقوله تعالى { دمّر الله عليهم وللكافرين أمثالها } [ محمد : 10 ] ، فالمراد ب { الذين أساءوا } كل مسيىء من جنس تلك الإساءة وهي الشرك . ويجوز أن يكون إنذاراً لمشركي العرب المتحدث عنهم من قوله { ولكن أكثر الناس لا يعلمون } [ الروم : 6 ] فيكونوا المراد ب { الذين أساءوا } ، ويكون إظهاراً في مقام الإضمار على خلاف مقتضى الظاهر لقصد الإيماء بالصِلة ، أي أن سبب عاقبتهم السوأى هو إساءتهم ، وأصل الكلام : ثم كان عاقبتهم السوأى . وهذا إنذار بعد الموعظة ونص بعد القياس ، فإن الله وعظ المكذبين للرسول صلى الله عليه وسلم بعواقب الأمم التي كذبت رسلها ليكونوا على حذر من مثل تلك العاقبة بحكم قياس التمثيل ، ثم أعقب تلك الموعظة بالنذارة بأنهم ستكون لهم مثل تلك العاقبة ، وأوقع فعل { كان } الماضي في موقع المضارع للتنبيه على تحقيق وقوعه مثل { أتى أمر الله } [ النحل : 1 ] إتماماً للنذارة .

والعاقبة : الحالة الأخيرة التي تعقب حالة قبلها . وتقدمت في قوله : { ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين } في سورة الأنعام ( 11 ) ، وقوله : { والعاقبة للتقوى } في سورة طه ( 132 ) . { والذين أساءوا } هم كفار قريش ، والمراد { بآيات الله } القرآن ومعجزات الرسول .

والسوأى : تأنيث الأسَوإ ، أي الحالة الزائدة في الاتصاف بالسوء وهو أشد الشر ، كما أن الحسنى مؤنث الأحسن في قوله { للذين أحسنوا الحسنى } [ يونس : 26 ] . وتعريف { السوأى } تعريف الجنس إذ ليس ثمة عاقبة معهودة .

ويحتمل أن يراد ب { الذين أساءوا } الأمم الذين أثاروا الأرض وعمروها فتكون من وضع الظاهر موضع المضمر توسلاً إلى الحكم عليهم بأنهم أساءوا واستحقوا السوأى وهي جهنم . وفعل { كان } على ما هو عليه من التنبيه على تحقق الوقوع .

وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وأبو جعفر ويعقوب { عاقبةُ } بالرفع على أصل الترتيب بين اسم { كان وخبرها . وقرأه البقية بالنصب على أنه خبر كان مُقدم على اسمها وهو استعمال كثير . والفصل بين كان ومرفوعها بالخبر سوغ حذف تاء التأنيث من فعل كان .

و{ أن كذبوا } تعليل لكون عاقبتهم السوأى بحذف اللام مع { أنْ } و{ آيات الله } : القرآن والمعجزات .

والباء في { بها يستهزئون } للتعدية ، وتقديم المجرور للاهتمام بشأن الآيات ، وللرعاية على الفاصلة .