البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{ثُمَّ كَانَ عَٰقِبَةَ ٱلَّذِينَ أَسَـٰٓـُٔواْ ٱلسُّوٓأَىٰٓ أَن كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَكَانُواْ بِهَا يَسۡتَهۡزِءُونَ} (10)

وقرأ الحرميان ، وأبو عمرو : { ثم كان عاقبة } بالرفع اسماً لكان ، وخبرها { السوأى } ، أو هو تأنيث الأسوإ ، أفعل من السوء .

{ أن كذبوا } : مفعول من أجله متعلق بالخبر ، لا بأساء ، وإلا كان فيه الفصل بين الصلة ومتعلقها بالخبر ، وهو لا يجوز ؛ والمعنى : ثم كان عاقبتهم ، فوضع المظهر موضع المضمر .

{ السوأى } : أي العقوبة التي هي أسوأ العقوبات في الآخرة ، وهي جهنم .

ويجوز أن تكون { السوأى } مصدراً على وزن فعلى ، كالرجعى ، وتكون خبراً أيضاً .

ويجوز أن تكون مفعولاً بأساء بمعنى اقترفوا ، وصفة مصدر محذوف ، أي الإساءة السوأى ، ويكون خبر كان { أن كذبوا } .

وقرأ الأعمش والحسن : السوى ، بإبدال الهمزة واواً وإدغام الواو فيها ، كقراءة من قرأ : { السوء } بالإدغام في يوسف .

وقرأ ابن مسعود : السوء ، بالتذكير .

وكتب السوأى بالألف قبل الياء ، كما كتبوا علماء بني إسرائيل بواو قبل الألف .

وقرأ الكوفيون وابن عامر : { عاقبة } ، بالنصب ، خبر كان ، والاسم السوأى ، أو السوء مفعول ، وكذبوا الاسم .

وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون أن بمعنى : أي تفسير الإساءة التكذيب والاستهزاء ، كانت في بمعنى القول ، نحو : نادى وكتب .

ووجه آخر ، وهو أن يكون { أساؤا السوأى } بمعنى : اقترفوا الخطيئة التي هي أسوأ الخطايات ، { وأن كذبوا } عطف بيان لها ، وخبر كان محذوف ، كما يحذف جواب لما ولو إرادة الإبهام . انتهى .

وكون أن هنا حرف تفسير متكلف جداً .

وأما قول الخطايات فكذا هو في النسخة التي طالعناها ، جمع جمع تكسير بالألف والتاء ، وذلك لا ينقاس ، إنما يقتصر فيه على مورد السماع ، ولا يبعد أن يكون زيادة التاء في الخطايات من الناسخ .

وأما قوله : { وأن كذبوا } عطف بيان لها ، أي للسوأى ، وخبر كان محذوف الخ .

فهذا فهم أعجمي ، لأن الكلام مستقل في غاية الحسن بلا حذف ، فيتكلف له محذوفاً يدل عليه دليل .

وأصحابنا لا يجيزون حذف خبر كان وأخواتها ، لا اقتصاراً ولا اختصاراً ، إلا إن ورد منه شيء ، فلا ينقاس عليه .