اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ثُمَّ كَانَ عَٰقِبَةَ ٱلَّذِينَ أَسَـٰٓـُٔواْ ٱلسُّوٓأَىٰٓ أَن كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَكَانُواْ بِهَا يَسۡتَهۡزِءُونَ} (10)

قوله : «عَاقِبَةُ الَّذِينَ » قرأ نافعٌ ، وابنُ كثيرٍ ، وأبو عمروٍ بالرفع{[41853]} ، والباقون بالنصب ، فالرفع على أنها اسم كان{[41854]} ، وذكر الفعل لأن التأنيث مجازي ، وفي الخبر حينئذ وجهان :

أحدهما : «السوءى » أي الفعلة السوءى والخَصْلَةُ السوءى .

والثاني : «أَنْ كَذَّبُوا » أي كان آخر أمرهم التكذيب فعلى الأول يكون في «أَنْ كَذَّبُوا » وجهان :

أحدهما : أنه على إسقاط الخافض إما لام العلة أي لأن كذبوا ، وإما باء السببية أي بأن كذبوا فلما حذف الحرف{[41855]} جرى القولان المشهوران بين{[41856]} الخليل وسيبويه في محل «أَنْ »{[41857]} .

والثاني : أنه بدل من «السُّوءَى » أي ثم كان عاقبتهم التكذيب ، وعلى الثاني يكون «السوءى » مصدراً «لأساءوا » أو يكون نعتاً لمفعول محذوف أي أساء والفعلةَ السُّوءَى ، و «السوءى » تأنيث «لِلأَسْوَأ »{[41858]} . وجوز بعضهم{[41859]} أن يكون خبر كان محذوفاً للإبهام ، و «السوءى » إما مصدر وإما مفعول كما تقدم أي اقْتَرَفُوا الخَطِيئَةَ السُّوءَى ؛ أي كان عاقبتهم الدّمار . وأما النصب{[41860]} فعلى خبر كان ، وفي الاسم وجهان :

أحدهما : «السوءى » إن كانت الفعلة السوءى عاقبةَ المُسِيئينَ ، و «أَنْ كَذَّبُوا » على ما تقدم .

الثاني : أن الاسم «أَنْ كَذَّبُوا » و «السُّوءَى » على ما تقدم . المعنى : ثم كان عاقبة الذين أساءُوا السُّوءى يعني : الخلة التي تسوؤهم وهي النار ( وهي ){[41861]} السُّوءَى اسم لجهنم كما أن الحُسْنَى اسم للجنة «أن كذبوا » أي لأن كذبوا ، وقيل : تفسير «السوءى » ما بعده ، وهو قوله : «أَنْ كَذَّبُوا » يعني : ثم كان عاقبة المسيئين التكذيب حَمَلَهُمْ تلك السيئات على أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزئون .


[41853]:انظر: الإتحاف 364 والسبعة 506، وإبراز المعاني 640 وإعراب النحاس 4/266.
[41854]:انظر: الكشف لمكي 2/182 والبيان لابن الأنباري 2/249.
[41855]:في "ب" حذف الجر، وانظر في الإعراب الدر المصون 4/316 والتبيان 1037 و 1038 والبيان 2/249 ومشكل إعراب القرآن 2/177 ومعاني الفراء 2/322 والقرطبي 14/10.
[41856]:الخليل بن أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد البصري الفرهودي سيد أهل زمنه في علمه وزهده كان من تلامذة أبي عمرو، اخذ عنه سيبويه، والنضر بن شميل وهو أول من استخدم علم العروض مات سنة 160 هـ نزهة الألباء 29، 32.
[41857]:في "ب" محله.
[41858]:انظر: الكشاف 3/226.
[41859]:هو الزمخشري حيث قال: "وأن كذبوا" عطف بيان لها، وخبر كان محذوف كما يحذف جواب "لما" و "لو" إرادة الإبهام، الكشاف 3/226.
[41860]:أي نصب عاقبة وانظر: المراجع السابقة والبحر 7/164.
[41861]:ساقط من "ب".