تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ثُمَّ كَانَ عَٰقِبَةَ ٱلَّذِينَ أَسَـٰٓـُٔواْ ٱلسُّوٓأَىٰٓ أَن كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَكَانُواْ بِهَا يَسۡتَهۡزِءُونَ} (10)

الآية 10 وقوله تعالى : { فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون } { ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوأى } جائز أن يكون على التقديم والتأخير : { ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوأى } مقدما على قوله { فما كان الله ليظلمهم } يقول : ما حل بهم من العذاب ، وعذبوا في هذه الدنيا بتكذيبهم ، لم يظلمهم الله ، ولكن ظلموا أنفسهم بما أساؤوا .

ويحتمل أن يكون قوله : { فما كان الله ليظلمهم } في تعذيبهم في الدنيا { ولكن كانوا أنفسهم يظلمون } ثم يكون قوله : { ثم كان عاقبة الذين أساءوا } في الدنيا { السوأى } في الآخرة ، فيكون في الدنيا ما عذبوا تعذيب عناد ومكابرة ، وما يعذبون في الآخرة تعذيب كفر وتكذيب ، وهو ما قال : { ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوأى أن كذبوا بآيات الله } .

وقال بعضهم : { وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها } قومك يا محمد ، أي بقوا فيها أكثر مما بقي الذين أرسلت إليهم . وقال بعضهم : عاشوا يعمرون الأرض أكثر مما عمروها ، عملوا بها أكثر مما عمل هؤلاء . وبعضه قريب من بعض .

وقال أبو عوسجة { وأثاروا الأرض } أي حرثوها . وقال القتبي { وأثاروا الأرض } أي قلبوها للزراعة ، ويقال : البقرة المثيرة . وقال الله تعالى : { إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض } [ البقرة : 71 ] وقوله تعالى : { أساءوا السوأى } أي جهنم .

وكذلك [ قال ]( {[15913]} ) الكسائي : { السوأى } هي النار كقوله : { وعقبى الكافرين النار } [ الرعد : 35 ] أي كانت عاقبتهم النار بما كذبوا بآيات الله ، واستهزؤوا( {[15914]} ) بها .

وقوله : { ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوأى } يحتمل قوله : { أساءوا } إلى الرسل بالتكذيب وأنواع الأذى . ويحتمل { أساءوا } إلى أنفسهم حين( {[15915]} ) أهلكوها ، وأوقعوها في النار و السوأى : اسم من أسماء النار [ كالعسرى والهاوية ]( {[15916]} ) ونحوهما [ واليسرى والحسنى ]( {[15917]} ) من أسماء الجنة .

وقوله تعالى : { أن كذبوا بآيات الله } يذكر أهل مكة ، ويخوفهم ، أن ما حل بأولئك [ في ]( {[15918]} ) القرون الماضية من الإهلاك والاستئصال إنما كان بتكذيب الآيات والاستهزاء بها في هذه الدنيا . فأنتم يا أهل مكة إذ كذبتم الآيات والحجج ، واستهزأتم بها يصيبكم ما أصاب أولئك بالتكذيب . والآيات تحتمل حجج التوحيد وحجج الرسل في إثبات الرسالة وآيات( {[15919]} ) البعث .

وقوله تعالى : { وكانوا بها يستهزئون } يحتمل بالآيات التي ذكر أو بما( {[15920]} ) أوعدهم الرسل من العذاب والإهلاك ، فاستهزؤوا بذلك .


[15913]:من م، ساقطة من الأصل.
[15914]:من م، في الأصل: واستهزاء.
[15915]:في الأصل وم: حيث.
[15916]:إشارة إلى قوله تعالى: {فسنيسره للعسرى}[الليل: 10] وقوله تعالى: {فأمه هاوية} [القارعة].
[15917]:إشارة على قوله تعالى: {فسنيسره لليسرى} {وكذب بالحسنى} [الليل: 7 و8 و9].
[15918]:ساقطة من الأصل وم.
[15919]:من م، في الأصل: أو آيات.
[15920]:الباء ساقطة من الأصل وم.