إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{ثُمَّ كَانَ عَٰقِبَةَ ٱلَّذِينَ أَسَـٰٓـُٔواْ ٱلسُّوٓأَىٰٓ أَن كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَكَانُواْ بِهَا يَسۡتَهۡزِءُونَ} (10)

{ ثُمَّ كَانَ عاقبة الذين أَسَاؤا } أي عملُوا السيئاتِ ووضعُ الموصولِ موضعَ ضميرِهم للتَّسجيلِ عليهم بالإساءةِ والإشعارِ بعلَّةِ الحكمِ { السَّوأى } أي العقوبةِ التي هي أسوأُ العقوباتِ وأفظعُها التي هي العقوبةُ بالنارِ فإنَّها تأنيثُ الأسوأِ كالحُسنى تأنيثُ الأحسنِ أو مصدرٌ كالبُشرى وُصفَ به العقوبةُ مبالغةً كأنَّها نفسُ السوآ ، وهي مرفوعةٌ على أنَّها اسمُ كانَ وخبرُها عاقبةَ . وقرئ عَلى العكسِ وهو أدخلُ في الجَزَالةِ . وقولُه تعالى : { أَنْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِ الله } علَّةٌ لما أُشير إليه من تعذيبِهم الدُّنيويِّ والأُخرويِّ أي لأنْ كذَّبُوا أو بأنْ كذَّبُوا بآياتِ الله المنزَّلةِ على رُسُلهِ عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ ومعجزاتِه الظَّاهرةِ على أيديهم . وقولُه تعالى : { وَكَانُواْ بِهَا يَسْتَهْزِئُون } عطفٌ على كذَّبوا داخلٌ معه في حُكمِ العِلِّيةِ ، وإيرادُ الاستهزاءِ بصيغةِ المضارعِ للدِّلالةِ على استمرارِه وتجدُّدِه هذا هو اللائقُ بجزَالةِ النَّظمِ الجليلِ وقَدْ قيلَ وقيلَ .