المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{قَالُواْ تَٱللَّهِ لَقَدۡ عَلِمۡتُم مَّا جِئۡنَا لِنُفۡسِدَ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا كُنَّا سَٰرِقِينَ} (73)

73- قال إخوة يوسف : إن اتهامكم إيّانا بالسرقة لعجيب ، ونؤكد بالقسم أن فيما ظهر لكم من أخلاقنا وتمسكنا بديننا في مرتي مجيئنا ما يؤكد علمكم أننا لم نأت بغية الإفساد في بلادكم ، وما كان من أخلاقنا أن نكون من السارقين .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالُواْ تَٱللَّهِ لَقَدۡ عَلِمۡتُم مَّا جِئۡنَا لِنُفۡسِدَ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا كُنَّا سَٰرِقِينَ} (73)

وهنا نجد إخوة يوسف يردون علهيم رداً يدل على استنكارهم لهذه التهمة وعلى تأكدهم من براءتهم فيقولون : { قَالُواْ تالله لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأرض وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ } .

أى : قال إخوة يوسف للمنادي ومن معه الذين اتهموهم بالسرقة : تالله يا قوم ، لقد علمتم من حالنا وسلوكنا وأخلاقنا ، أننا ما جئنا إلى بلادكم ، لكى نفسد فيها أو نرتكب ما لا يليق ، وما كنا في يوم من الأيام ونحن في أرضكم لنرتكب هذه الجريمة ، لأنها تضرنا ولا تنفعنا ، حيث إننا في حاجة إلى التردد على بلادكم لجلب الطعام ، والسرقة تحول بيننا وبين ذلك ، لأنكم بسببها ستمنعوننا من دخول أرضكم ، وهذه خسارة عظيمة بالنسبة لنا .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالُواْ تَٱللَّهِ لَقَدۡ عَلِمۡتُم مَّا جِئۡنَا لِنُفۡسِدَ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا كُنَّا سَٰرِقِينَ} (73)

54

ولكن القوم مستيقنون من براءتهم ، فهم لم يسرقوا ، وما جاءوا ليسرقوا وليجترحوا هذا الفساد الذي يخلخل الثقة والعلاقات في المجتمعات ، فهم يقسمون واثقين :

( قالوا : تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض ) . .

فقدو علمتم من حالنا ومظهرنا ونسبنا أننا لا نجترح هذا . .

( وما كنا سارقين ) . أصلا فما يقع منا مثل هذا الفعل الشنيع .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالُواْ تَٱللَّهِ لَقَدۡ عَلِمۡتُم مَّا جِئۡنَا لِنُفۡسِدَ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا كُنَّا سَٰرِقِينَ} (73)

لما اتهمهم أولئك الفتيان بالسرقة ، قال لهم إخوة يوسف : { تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ } أي : لقد تحققتم وعلمتم منذ{[15230]} عرفتمونا ، لأنهم{[15231]} شاهدوا منهم سيرة حسنة ، أنَّا ما جئنا للفساد في الأرض ، وما كنا سارقين ، أي : ليست سجايانا تقتضي هذه الصفة ، فقال{[15232]} لهم الفتيان : { فَمَا جَزَاؤُهُ } أي : السارق ، إن كان فيكم { إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ } أي : أي شيء يكون عقوبته إن وجدنا فيكم من أخذه{[15233]} ؟ { قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ }

وهكذا كانت شريعة إبراهيم : أن السارق يدفع إلى المسروق منه . وهذا هو الذي أراد يوسف ، عليه السلام ؛ ولهذا بدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ، أي فتشها قبله ، تورية ، { ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ } فأخذه منهم بحكم اعترافهم والتزامهم وإلزاما لهم بما يعتقدونه ؛ ولهذا قال تعالى : { كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ } وهذا من الكيد المحبوب المراد الذي يحبه الله ويرضاه ، لما فيه من الحكمة والمصلحة المطلوبة .

وقوله : { مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ } أي : لم يكن له أخذه في حكم ملك مصر ، قاله الضحاك وغيره .

وإنما قيض الله له أن{[15234]} التزم له إخوته بما التزموه ، وهو كان يعلم ذلك من شريعتهم ؛ ولهذا مدحه تعالى فقال : { نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ } كما قال تعالى : { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } [ المجادلة : 11 ] .

{ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ } قال الحسن البصري : ليس عالم إلا فوقه عالم ، حتى ينتهي إلى الله عز وجل . وكذا رَوَى عبد الرزاق ، عن سفيان الثوري ، عن عبد الأعلى الثعلبي ، عن سعيد بن جبير قال كنا عند ابن عباس فتحدث بحديث عجيب ، فتعجب رجل فقال : الحمد لله فوق كل ذي علم عليم [ فقال ابن عباس : بئس ما قلت ، الله العليم ، وهو فوق كل عالم ]{[15235]} وكذا روى سماك ، عن عِكْرِمة ، عن ابن عباس : { وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ } قال : يكون هذا أعلم من هذا ، وهذا أعلم من هذا ، والله فوق كل عالم . وهكذا{[15236]} قال عكرمة .

وقال قتادة : { وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ } حتى ينتهي العلم إلى الله ، منه بُدئ وتعلمت العلماء ، وإليه يعود ، وفي قراءة عبد الله " وَفَوْقَ كُلِّ عالم عليم " .


[15230]:- في ت : "مذ".
[15231]:- في ت : "لا لأنهم".
[15232]:- في أ : "فقالت".
[15233]:- في أ : "فيهم من أخذها".
[15234]:- في ت : "أنه".
[15235]:- زيادة من ت ، أ.
[15236]:- في ت ، أ : "وكذا".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالُواْ تَٱللَّهِ لَقَدۡ عَلِمۡتُم مَّا جِئۡنَا لِنُفۡسِدَ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا كُنَّا سَٰرِقِينَ} (73)

{ قالوا تالله } قسم فيه معنى التعجب ، التاء بدل من الباء مختصة باسم الله تعالى : { لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين } استشهدوا بعلمهم على براءة أنفسهم لما عرفوا منهم في كرتي مجيئهم ومداخلتهم للملك مما يدل على فرط أمانتهم كرد البضاعة التي جعلت في رحالهم وكعم الدواب لئلا تتناول زرعا أو طعاما لأحد .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{قَالُواْ تَٱللَّهِ لَقَدۡ عَلِمۡتُم مَّا جِئۡنَا لِنُفۡسِدَ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا كُنَّا سَٰرِقِينَ} (73)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

فرد الاخوة القول على المنادي، {قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض}، يعني أرض مصر بالمعاصي، {وما كنا سارقين}، آية وقد رددنا عليكم الدراهم التي كانت في أوعيتنا، ولو كنا سارقين ما رددناها عليكم...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: قال إخوة يوسف:"تاللّهِ" يعني: والله...

وقوله: "لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الأرْضِ "يقول: لقد علمتم ما جئنا لنعصَى الله في أرضكم...

فإن قال قائل: وما كان عِلْمُ من قيل له "لقد عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الأرْضِ" بأنهم لم يجيئوا لذلك حتى استجاز قائلو ذلك أن يقولوه؟

قيل: استجازا أن يقولوا ذلك لأنهم فيما ذكر ردّوا البضاعة التي وجدوها في رحالهم، فقالوا: لو كنا سرّاقا لم نردّ عليكم البضاعة التي وجدناها في رحالنا. وقيل: إنهم كانوا قد عرفوا في طريقهم ومسيرهم أنهم لا يظلمون أحدا ولا يتناولون ما ليس لهم، فقالوا ذلك حين قيل لهم: "إنّكُمْ لَسارِقُونَ".

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

...الفساد: اضطراب التدبير على وجه قبيح، ونقيضه الصلاح. ويقال: فسد الشيء اذا تغير إلى حال تضر كفساد الطعام... وإنما قالوا "تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض "مع أنهم لم يعلموا ذلك لأمرين:

أحدهما: لما رأوا من صحة معاملتهم وشدة توقيهم لما لا يجوز لهم مما ينبئ عن مقاصدهم.

الثاني: قيل لأنهم ردوا البضاعة التي وجدوها في رحالهم ظنا منهم أن ذلك عن سهو، وهذا لا يليق بحال السراق من الناس ...

...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{تالله} قسم فيه معنى التعجب مما أضيف إليهم، وإنما قالوا {لَقَدْ عَلِمْتُمْ} فاستشهدوا بعلمهم. لما ثبت عندهم من دلائل دينهم وأمانتهم في كرّتي مجيئهم ومداخلتهم للملك... ولأنهم ردّوا بضاعتهم التي وجدوها في رحالهم {وَمَا كُنَّا سارقين} وما كنا قط نوصف بالسرقة وهي منافية لحالنا...

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

{قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ} بجميع أنواع المعاصي، {وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ} فإن السرقة من أكبر أنواع الفساد في الأرض، وإنما أقسموا على علمهم أنهم ليسوا مفسدين ولا سارقين، لأنهم عرفوا أنهم سبروا من أحوالهم ما يدلهم على عفتهم وورعهم، وأن هذا الأمر لا يقع منهم بعلم من اتهموهم، وهذا أبلغ في نفي التهمة، من أن لو قالوا: تالله لم نفسد في الأرض ولم نسرق...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

ولكن القوم مستيقنون من براءتهم، فهم لم يسرقوا، وما جاءوا ليسرقوا وليجترحوا هذا الفساد الذي يخلخل الثقة والعلاقات في المجتمعات، فهم يقسمون واثقين: (قالوا: تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض).. فقدو علمتم من حالنا ومظهرنا ونسبنا أننا لا نجترح هذا.. (وما كنا سارقين). أصلا فما يقع منا مثل هذا الفعل الشنيع...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

نفوا عن أنفسهم الاتّصاف بالسرقة بأبلغ مما نفوا به الإفساد عنهم، وذلك بنفي الكون سارقين دون أن يقولوا: وما جئنا لنسرق، لأن السرقة وصف يُتعيّر به، وأما الإفساد الذي نفوه، أي التجسس فهو مما يقصده العدوّ على عَدوّه فلا يكون عاراً، ولكنه اعتداء في نظر العدوّ...

وقولهم: {لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين}. أكدوا ذلك بالقسم لأنهم كانوا وَفدوا على مصر مرة سابقة واتهموا بالجوسسة فتبينت براءتهم بما صدقوا يوسف عليه السلام فيما وصفوه من حال أبيهم وأخيهم. فالمراد ب {الأرض} المعهودة، وهي مصر. وأما براءتهم من السرقة فبما أخبروا به عند قدومهم من وجدان بضاعتهم في رحالهم، ولعلّها وقعت في رحالهم غلطاً. على أنهم نفوا عن أنفسهم الاتّصاف بالسرقة بأبلغ مما نفوا به الإفساد عنهم، وذلك بنفي الكون سارقين دون أن يقولوا: وما جئنا لنسرق، لأن السرقة وصف يُتعيّر به، وأما الإفساد الذي نفوه، أي التجسس فهو مما يقصده العدوّ على عَدوّه فلا يكون عاراً، ولكنه اعتداء في نظر العدوّ...

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

{قَالُواْ تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأرْضِ} فقد عرفتم سلوكنا وطريقتنا في التعامل معكم، وربما يذكر بعض المفسرين أن إخوة يوسف أعادوا البضاعة التي وضعها يوسف في رحالهم ظناً منهم أن في الأمر خطأً ما، مما يوحي بأمانتهم. ولكن مثل هذا غير دقيق، بلحاظ كلامهم مع أبيهم الذي كان يوحي بأنهم كانوا مقتنعين بأن هذه البضاعة قد ردّت إليهم، إحساناً وترغيباً لهم في الرجوع. ومهما كانت المسألة، فها هم يقفون ليشهدوهم بأنهم لم يأتوا ليفسدوا في الأرض بالعبث بأملاك الملك عن طريق السرقة، {وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ} في الماضي لنسرق في الحاضر، لأن ذلك ليس من أخلاقنا ولا من عاداتنا. ولم يعلق فتيان يوسف على ذلك، بل تركوا لهم أن يتحدثوا بما يشاءون.