فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قَالُواْ تَٱللَّهِ لَقَدۡ عَلِمۡتُم مَّا جِئۡنَا لِنُفۡسِدَ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا كُنَّا سَٰرِقِينَ} (73)

{ قَالُواْ تالله لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأرض } التاء بدل من واو القسم عند الجمهور . وقيل : من الباء ، وقيل : أصل بنفسها ، ولا تدخل إلاّ على هذا الاسم الشريف دون سائر أسمائه سبحانه ، وقد دخلت نادراً على الرب ، وعلى الرحمن ، والكلام على هذا مستوفي في علم الإعراب ، وجعلوا المقسم عليه هو علم يوسف وأصحابه بنزاهة جانبهم ، وطهارة ذيلهم ، عن التلوّث بقذر الفساد في الأرض ، الذي من أعظم أنواعه السرقة . لأنهم قد شاهدوا منهم في قدومهم عليه المرّة الأولى ، وهذه المرّة من التعفف والزهد عما هو دون السرقة ، بمراحل ما يستفاد منه العلم الجازم بأنهم ليسوا بمن يتجارأ على هذا النوع العظيم من أنواع الفساد ، ولو لم يكن من ذلك إلاّ ردّهم لبضاعتهم التي وجدوها في رحالهم ، والمراد بالأرض هنا : أرض مصر . ثم أكدوا هذه الجملة التي أقسموا بالله عليها بقولهم : { وَمَا كُنَّا سارقين } لزيادة التبرّي مما قرفوهم به والتنزه عن هذه النقيصة الخسيسة والرذيلة الشنعاء .

/خ76