فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قَالُواْ تَٱللَّهِ لَقَدۡ عَلِمۡتُم مَّا جِئۡنَا لِنُفۡسِدَ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا كُنَّا سَٰرِقِينَ} (73)

{ قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض } التاء بدل من واو القسم عند الجمهور وقيل من الباء وقيل أصل بنفسها وأيا ما كان ففيه التعجب ولا تدخل إلا على هذا الاسم الشريف دون سائر أسمائه سبحانه وقد دخلت نادرا على الرب وعلى الرحمان والكلام على هذا مستوفي في علم الإعراب .

وجعلوا المقسم عليه هو علم يوسف وأصحابه بنزاهة جانبهم وطهارة ذيلهم عن التلوث بقذر الفساد في الأرض الذي من أعظم أنواعه السرقة لأنهم قد شاهدوا منهم في قدومهم عليه المرة الأولى وهذه المرة من التعفف والزهد عما هو دون السرقة بمراحل ما يستفاد منه العلم الجازم بأنهم ليسوا ممن يتجارى على هذا النوع العظيم من أنواع الفساد ولو لم يكن من ذلك إلا ردهم لبضاعتهم التي وجدوها في رسالتهم لكفى والمراد بالأرض هنا أرض مصر .

ثم أكدوا هذه الجملة التي أقسموا بالله عليها بقولهم : { وما كنا سارقين } لزيادة التبري مما قذفوهم به والتنزه عن هذه النقيصة الخسيسة الرذيلة الشنعاء .