البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{قَالُواْ تَٱللَّهِ لَقَدۡ عَلِمۡتُم مَّا جِئۡنَا لِنُفۡسِدَ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا كُنَّا سَٰرِقِينَ} (73)

قالوا : تالله أقسموا بالتاء من حروف القسم ، لأنها تكون فيها التعجب غالباً كأنهم عجبوا من رميهم بهذا الأمر .

وروي أنهم ردوا البضاعة التي وجدوها في الطعام وتحرجوا من أكل الطعام بلا ثمن ، وكانوا قد اشتهروا بمصر بصلاح ، وكانوا يجعلون الأكمة في أفواه إبلهم لئلا تنال زروع الناس ، فأقسموا على إثبات شيء قد علموه منهم ، وهو أنكم قد علمتم أن مجيئنا لم يكن لفساد ، ثم استأنفوا الإخبار عن نفي صفة السرقة عنهم ، وأن ذلك لم يوجد منهم قط .

ويحتمل أن يكون في حيز جواب القسم ، فيكون معطوفاً على قوله : لقد علمتم .

قال ابن عطية : والتاء في تالله بدل من واو ، كما أبدلت في تراث ، وفي التوراة ، والتخمة ، ولا تدخل التاء في القسم إلا في المكتوبة من بين أسماء الله تعالى وغير ذلك لا تقول : تالرحمن ، ولا تالرحيم انتهى .

أما قوله : والتاء في تالله بدل من واو ، فهو قول أكثر النحويين .

وخالفهم السهيلي فزعم أنها أصل بنفسها وليست بدلاً من واو ، وهو الصحيح على ما قررناه في النحو .

وأما قوله : وفي التوراة فعلى مذهب البصريين إذ زعموا أنّ الأصل ورواة من ورى الزند .

ومن النحويين من زعم أن التاء زائدة ، وذلك مذكور في النحو .

وأما قوله : ولا تدخل إلى آخره فقد حكي عن العرب دخولها على الرب ، وعلى الرحمن ، وعلى حياتك ، قالوا : ترب الكعبة ، وتالرحمن ، وتحياتك .

والخطاب في لقد علمتم لطالبي الصواع ،