المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ} (9)

9- الله الذي أرسل رسوله - محمداً - بالقرآن هدى للناس وبالإسلام دين الحق ، ليعليه على كل الأديان ولو كره المشركون .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ} (9)

ثم أكد - سبحانه - وعده بإتمام نوره ، وبين كيفية هذا الإتمام فقال : { هُوَ الذي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بالهدى وَدِينِ الحق لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدين كُلِّهِ . . . } .

والمراد بالهدى : القرآن الكريم : المشتمل على الإرشادات السامية ، والتوجيهات القويمة ، والأخبار الصادقة ، والتشريعات الحكيمة .

والمراد بدين الحق : دين الإسلام الذى هو خاتم الأديان .

وقوله : { لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدين كُلِّهِ } من الإظهار بمعنى الإعلاء والغلبة بالحجة والبرهان ، والسيادة والسلطان .

والجملة تعليلية لبيان سبب هذا الإرسال والغاية منه .

والضمير فى " ليظهره " يعود على الدين الحق ، أوعلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - أى : هو الله - سبحانه - الذى أرسل رسوله محمدا - صلى الله عليه وسلم - بالقرآن الهادى للتى هى أقوم . وبالدين الحق الثابت الذى لا ينسخه دين آخر ، وكان هذا الإرسال لإظهار هذا الدين الحق على سائر الأديان بالحجة والغلبة .

{ وَلَوْ كَرِهَ المشركون } ذلك ، فإن كراهيتهم لا أثر لها فى ظهوره ، وفى إعلائه على جميع الأديان .

ولقد أنجز الله - تعالى - وعده ، حيث جعل دين الإسلام ، هو الدين الغالب على جميع الأديان ، بحججه وبراهينه الدالة على أنه الدين الحق الذى لا يحوم حوله باطل .

هذا ، وقد ساق الإمام ابن كثير بعض الأحاديث التى تؤيد ذلك ، ومنها : ما ثبت فى الصحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " إن الله زوى لى الأرض مشارقها ومغاربها ، وسيبلغ ملك أمتى ما زوى لى منها " .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ} (9)

لقد جرى قدر الله أن يظهر هذا الدين ، فكان من الحتم أن يكون :

( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ، ولو كره المشركون ) . .

وشهادة الله لهذا الدين بأنه ( الهدى ودين الحق )هي الشهادة . وهي كلمة الفصل التي ليس بعدها زيادة . ولقد تمت إرادة الله فظهر هذا الدين على الدين كله . ظهر في ذاته كدين ، فما يثبت له دين آخر في حقيقته وفي طبيعته . فأما الديانات الوثنية فليست في شيء في هذا المجال . وأما الديانات الكتابية فهذا الدين خاتمتها ، وهو الصورة الأخيرة الكاملة الشاملة منها ، فهو هي ، في الصورة العليا الصالحة إلى نهاية الزمان .

ولقد حرفت تلك الديانات وشوهت ومزقت وزيد عليها ما ليس منها ، ونقصت من أطرافها ، وانتهت لحال لا تصلح معه لشيء من قيادة الحياة . وحتى لو بقيت من غير تحريف ولا تشويه فهي نسخة سابقة لم تشمل كل مطالب الحياة المتجددة أبدا ، لأنها جاءت في تقدير الله لأمد محدود .

فهذا تحقيق وعد الله من ناحية طبيعة الدين وحقيقته . فأما من ناحية واقع الحياة ، فقد صدق وعد الله مرة ، فظهر هذا الدين قوة وحقيقة ونظام حكم على الدين كله فدانت له معظم الرقعة المعمورة في الأرض في مدى قرن من الزمان . ثم زحف زحفا سلميا بعد ذلك إلى قلب آسيا وأفريقية ، حتى دخل فيه بالدعوة المجردة خمسة أضعاف من دخلوا في إبان الحركات الجهادية الأولى . . وما يزال يمتد بنفسه دون دولة واحدة - منذ أن قضت الصهيونية العالمية والصليبية العالمية على الخلافة الأخيرة في تركيا على يدي " البطل " الذي صنعوه ! - وعلى الرغم من كل ما يرصد له في أنحاء الأرض من حرب وكيد ، ومن تحطيم للحركات الإسلامية الناهضة في كل بلد من بلاد الإسلام على أيدي " أبطال " آخرين من صنع الصهيونية العالمية والصليبية العالمية على السواء .

وما تزال لهذا الدين أدوار في تاريخ البشرية يؤديها ، ظاهرا بإذن الله على الدين كله تحقيقا لوعد الله ، الذي لا تقف له جهود العبيد المهازيل ، مهما بلغوا من القوة والكيد والتضليل !

ولقد كانت تلك الآيات حافزا للمؤمنين المخاطبين بها على حمل الأمانة التي اختارهم الله لها بعد أن لم يرعها اليهود والنصارى . وكانت تطمينا لقلوبهم وهم ينفذون قدر الله في إظهار دينه الذي أراده ليظهر ، وإن هم إلا أداة . وما تزال حافزا ومطمئنا لقلوب المؤمنين الواثقين بوعد ربهم ، وستظل تبعث في الأجيال القادمة مثل هذه المشاعر حتى يتحقق وعد الله مرة أخرى في واقع الحياة . بإذن الله .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ} (9)

ثم قال : { يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ } أي : يحاولون{[28795]} أن يَرُدّوا الحق بالباطل ، ومثلهم في ذلك كمثل من يريد أن يطفئ شعاع الشمس بفيه ، وكما أن هذا مستحيل كذلك ذاك مستحيل{[28796]} ؛

ولهذا قال : { وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ } وقد تقدم الكلام على هاتين الآيتين في سورة " براءة " ، بما فيه كفاية ، ولله الحمد والمنة{[28797]} .


[28795]:- (1) في أ: "أي يجادلون".
[28796]:- (2) في م، أ: "كذاك ذلك".
[28797]:- (3) في أ: "والله أعلم".