اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ} (9)

قوله تعالى : { هُوَ الذي أَرْسَلَ رَسُولَهُ } يعني : محمداً «بالهُدَى » أي : بالحقِّ والرشاد ، { لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدين كُلِّهِ } بالحُجَج ، ومن الظهور الغلبة باليد في القتال ، وليس المراد بالظهور : أن لا يبقى دين [ آخر ]{[56465]} من الأديان ، بل المراد : أن يكون أهل الإسلام عالين غالبين ، ومن الإظهار ألا يبقى دين آخر سوى الإسلام في آخر الزمان{[56466]} .

قال مجاهدٌ : ذلك إذا أنزل الله عيسى ، لم يكن في الأرض دين إلاَّ دين الإسلام{[56467]} .

قال أبو هريرة : { لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدين كُلِّهِ } بخروج عيسى ، وحينئذ لا يبقى كافر إلا أسلم{[56468]} .

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لَيَنْزلنَّ ابنُ مريمَ حكماً عادلاً ، فليَكسرنَّ الصَّليبَ وليقتلنَّ الخِنْزيرَ ، وليضَعَنَّ الجِزيَةَ ، ولتتركن القلاص فلا يسعى إليها ، ولتذهبنَّ الشَّحْناءُ والتَّباغُضُ والتَّحاسُد ، وليَدعُونَّ إلى المالِ فلا يقبلهُ أحدٌ " {[56469]} .

وقيل : ليُظْهرهُ ، أي : ليطلع محمداً صلى الله عليه وسلم على سائر الأديان حتى يكون عالماً بها عارفاً بوجوه بطلانها ، وبما حرفوا وغيَّروا منها { على الدِّينِ } أي : على الأديان ؛ لأن الدين مصدر يعبر به عن الجميع{[56470]} .


[56465]:سقط من أ.
[56466]:ينظر: القرطبي 18/56.
[56467]:ذكره القرطبي في "تفسيره" (18/56).
[56468]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/85) عن أبي هريرة.
[56469]:تقدم.
[56470]:ينظر: القرطبي 18/57.