فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ} (9)

{ هو الذي أرسل رسوله بالهدى } أي البيان الشافي بالقرآن أو المعجزات ، { ودين الحق } أي الملة الحقة ، وهي ملة الإسلام ، { ليظهره على الدين كله } أي ليجعله ظاهرا على جميع الأديان المخالفة لها ، عاليا عليها ، غالبا لها ، قال الخطيب : فإن قيل : قال أولا : { ولو كره الكافرون } ، وقال ثانيا : { ولو كره المشركون } ، فما الحكمة في ذلك ؟ أيقول بأنه تعالى أرسل رسوله ، وهو من نعم الله تعالى ، والكافرون كلهم في كفران النعم سواء ، فلهذا قال : { ولو كره الكافرون } ، لأن لفظ الكافر أعم من لفظ المشرك ، فالمراد من الكافرين هنا اليهود والنصارى والمشركون ، فلفظ الكافر أليق به ، وأما قوله { ولو كره المشركون } ، فذلك عند إنكارهم التوحيد ، وإصرارهم عليه ، لأنه صلى الله عليه وسلم في ابتداء الدعوة أمر بالتوحيد بلا إله إلا الله يقولوا فلهذا قال :{ ولو كره المشركون } ذلك فإنه كائن لا محالة ، ولعمري لقد فعل فما بقي دين من الأديان إلا وهو مغلوب مقهور بدين الإسلام ، قال مجاهد : ذلك إذا نزل عيسى ، لم يكن في الأرض دين إلا دين الإسلام ، والدين مصدر يعبر به عن الأديان المتعددة ، وجواب لو في الموضعين محذوف ، أي أتمه وأظهره ، والجملة مستأنفة مقررة لما قبلها .