المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَٱلشُّعَرَآءُ يَتَّبِعُهُمُ ٱلۡغَاوُۥنَ} (224)

224- قال الكفار : إن القرآن شعر ، ومحمد شاعر . فأبطل الله هذا بإثبات أن القرآن ملئ بالحكم والأحكام ، فأسلوبه ينافي أسلوب الشعر الذي يقوم على الباطل والكذب ، وبين أن حال محمد - صلي الله عليه وسلم - ينافي حال الشعراء ، فهو ينطق بالحكمة ، وهم ينطقون بالزور ، وهذا حال أغلب الشعراء .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱلشُّعَرَآءُ يَتَّبِعُهُمُ ٱلۡغَاوُۥنَ} (224)

وقوله - سبحانه - : { والشعرآء يَتَّبِعُهُمُ الغاوون } إبطال لشبهة أخرى من شبهاتهم وهى زعمهم أنه صلى الله عليه وسلم شاعر .

والشعراء : جمع شاعر كعالم وعلماء . والغاوون : جمع غاو وهو الضال عن طريق الحق .

أى : ومن شأن الشعراء أن الذين يتبعونهم من البشر ، هم الضالون عن الصراط المستقيم ، وعن جادة الحق والصواب .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱلشُّعَرَآءُ يَتَّبِعُهُمُ ٱلۡغَاوُۥنَ} (224)

192

فمنهج الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] ومنهج الشعراء مختلفان ، ولا شبهة هناك ، فالأمر واضح صريح :

( والشعراء يتبعهم الغاوون . ألم تر أنهم في كل واد يهيمون . وأنهم يقولون ما لا يفعلون ? ! ) .

فهم يتبعون المزاج والهوى ومن ثم يتبعهم الغاوون الهائمون مع الهوى ، الذين لا منهج لهم ولا هدف .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَٱلشُّعَرَآءُ يَتَّبِعُهُمُ ٱلۡغَاوُۥنَ} (224)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَالشّعَرَآءُ يَتّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنّهُمْ فِي كُلّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنّهُمْ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ * إِلاّ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ وَذَكَرُواْ اللّهَ كَثِيراً وَانتَصَرُواْ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ وَسَيَعْلَمْ الّذِينَ ظَلَمُوَاْ أَيّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ } .

يقول تعالى ذكره : والشعراء يتبعهم أهل الغيّ لا أهل الرشاد والهدى .

واختلف أهل التأويل في الذين وصفوا بالغيّ في هذا الموضع فقال بعضهم : رواة الشعر . ذكر من قال ذلك :

حدثني الحسن بن يزيد الطحان ، قال : حدثنا إسحاق بن منصور ، قال : حدثنا قيس ، عن يعلى ، عن عكرمة ، عن ابن عباس وحدّثني أبو كُرَيب ، قال : حدثنا طلق بن غنام ، عن قيس وحدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن عطيّة ، عن قيس ، عن يعلى بن النعمان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس والشّعَرَاءُ يَتّبِعُهُمُ الغاوُونَ قال : الرواة .

وقال آخرون : هم الشياطين . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : وَالشّعَرَاءُ يَتّبِعُهُمُ الغاوُونَ : الشياطين .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قَتادة ، في قوله : يَتّبِعُهُمُ الْغاوُونَ قال : يتبعهم الشياطين .

حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد وعبد الرحمن ، قالا : حدثنا سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، عن عكرِمة ، في قوله وَالشّعَرَاءُ يَتّبِعُهُمُ الغاوُونَ قال : عصاة الجنّ .

وقال آخرون : هم السفهاء ، وقالوا : نزل ذلك في رجلين تهاجيا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : وَالشّعَرَاءُ يَتّبِعُهُمُ الغاوُونَ . . . إلى آخر الاَية ، قال : كان رجلان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم : أحدهما من الأنصار ، والاَخر من قوم آخرين ، وأنهما تهاجيا ، وكان مع كل واحد منهما غواة من قومه ، وهم السفهاء ، فقال الله : وَالشّعَرَاءُ يَتّبِعُهُمُ الغاوونَ ، ألَمْ تَرَ أنّهُمْ فِي كُلّ وَادٍ يَهِيمُونَ .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : وَالشّعَرَاءُ يَتّبِعُهُمُ الغاوُونَ قال : كان رجلان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم : أحدهما من الأنصار ، والاَخر من قوم آخرين ، تهاجيا ، مع كلّ واحد منهما غواة من قومه ، وهم السّفهاء .

وقال آخرون : هم ضلال الجنّ والإنس . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس وَالشّعَرَاءُ يَتّبِعُهُمُ الْغاوُونَ قال : هم الكفار يتبعهم ضلال الجنّ والإنس .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله : وَالشّعَرَاءُ يَتّبِعُهُمُ الْغاوُونَ قال : الغاوونَ المشركون .

قال أبو جعفر : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال فيه ما قال الله جلّ ثناؤه : إن شعراء المشركين يتبعهم غواة الناس ، ومردة الشياطين ، وعصاة الجنّ ، وذلك أن الله عمّ بقوله : وَالشّعَرَاءُ يَتّبِعُهُمُ الْغاوُونَ فلم يخصص بذلك بعض الغواة دون بعض ، فذلك على جميع أصناف الغواة التي دخلت في عموم الاَية .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَٱلشُّعَرَآءُ يَتَّبِعُهُمُ ٱلۡغَاوُۥنَ} (224)

{ والشعراء يتبعهم الغاوون } وأتباع محمد صلى الله عليه وسلم ليسوا كذلك ، وهو استئناف أبطل كونه عليه الصلاة والسلام شاعرا وقرره بقوله : { ألم تر أنهم في كل واد يهيمون } .

وقرأ نافع " يتبعهم " على التخفيف ، و قرىء بالتشديد وتسكين العين تشبيها لبعضه بعضا .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱلشُّعَرَآءُ يَتَّبِعُهُمُ ٱلۡغَاوُۥنَ} (224)

كان مما حوته كِنانةُ بهتان المشركين أن قالوا في النبي صلى الله عليه وسلم هو شاعر ، فلما نَثلَتْ الآيات السابقة سِهام كنانتهم وكسرتها وكان منها قولهم : هو كاهن ، لم يبق إلا إبطالُ قولهم : هو شاعر ، وكان بين الكهانة والشعر جامع في خيال المشركين إذ كانوا يزعمون أن للشاعر شيطاناً يملي عليه الشعر وربما سموه الرَّئِيّ ، فناسب أن يقارَن بين تزييف قولهم في القرآن : هو شعر ، وقولهم في النبي صلى الله عليه وسلم هو شاعر ، وبين قولهم : هو قول كاهن ، كما قرن بينهما في قوله تعالى : { وما هو بقول شاعِر قليلاً ما تُؤمنون ولا بقولِ كاهن قليلاً ما تذّكّرون } [ الحاقة : 41 ، 42 ] ؛ فعُطف هنا قوله : { والشعراء يتبعهم الغاون } على جملة : { تنزل على كل أفّاك أثيم } [ الشعراء : 222 ] .

ولمّا كان حال الشعراء في نفس الأمر مخالفاً لحال الكهان إذ لم يكن لملكة الشعر اتصال مّا بالنفوس الشيطانية وإنما كان ادعاء ذلك من اختلاق بعض الشعراء أشاعوه بين عامة العرب ، اقتصرت الآية على نفي أن يكون الرسول شاعراً ، وأن يكون القرآنُ شعراً . دون تعرض إلى أنه تنزيل الشياطين كما جاء في ذكر الكهانة .

وقد كان نفر من الشعراء بمكة يهجون النبي صلى الله عليه وسلم وكان المشركون يُعْنَون بمجالسهم وسماعِ أقوالهم ويجتمع إليهم الأعراب خارج مكة يستمعون أشعارهم وأهاجيَهم ، أدمجت الآية حال من يتَّبع الشعراء بحالهم تشويهاً للفريقين وتنفيراً منهما . ومن هؤلاء : النضْر بن الحارث ، وهبيرة بن أبي وهب ومُسافع بن عبد مناف ، وأبو عَزة الجمحِي ، وابن الزِّبَعْرَى ، وأميةُ بن أبي الصَّلْت ، وأبو سفيان ابن الحارث ، وأمُّ جميل العوراء بنت حرب زوُج أبي لهب التي لَقبها القرآن : { حمَّالة الحطب } [ المسد : 4 ] وكانت شاعرة وهي التي قالت :

مُذَمَّماً عَصَيْنا *** وأمرَه أبينا **** ودينَه قَلَيْنَا

فكانت هذه الآية نفياً للشعر أن يكون من خُلُق النبي صلى الله عليه وسلم وذماً للشعراء الذين تصدوا لهجائه .

فقوله : { يتبعهم الغاوون } ذمّ لأتباعهم وهو يقتضي ذم المتبوعين بالأحرى . والغاوي : المتصف بالغي والغواية ، وهي الضلالة الشديدة ، أي يتبعهم أهل الضلالة والبطالة الراغبون في الفسق والأذى . فقوله : { يتبعهم الغاوون } خبر ، وفيه كناية عن تنزيه النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون منهم فإن أتباعه خيرة قومهم وليس فيهم أحد من الغاوين ، فقد اشتملت هذه الجملة على تنزيه النبي صلى الله عليه وسلم وتنزيه أصحابه وعلى ذم الشعراء وذمّ أتباعهم وتنزيه القرآن عن أن يكون شعراً .

وتقديمُ المسند إليه على المسند الفعلي هنا يظهر أنه لمجرد التقوّي والاهتمام بالمسند إليه للفت السمع إليه والمقام مستغن عن الحصر لأنه إذا كانوا يتبعهم الغاوون فقد انتفى أتباعهم عن الصالحين لأن شأن المجالس أن يتحد أصحابها في النزعة كما قيل :

عن المرء لا تَسْألْ وسَلْ عن قرينه

وجعله في « الكشاف » للحصر ، أي لا يتبعهم إلاّ الغاوون ، لأنه أصرح في نفي اتِّباع الشعراء عن المسلمين . وهذه طريقتُهُ باطراد في تقديم المسند إليه على الخبر الفعلي أنه يفيد تخصيصه بالخبر ، أي قصْر مضمون الخبر عليه ، أي فهو قصر إضافي كما تقدم بيانه عند قوله تعالى : { الله يستهزىء بهم } في سورة البقرة ( 15 ) .