المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فَيُوَفِّيهِمۡ أُجُورَهُمۡ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضۡلِهِۦۖ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسۡتَنكَفُواْ وَٱسۡتَكۡبَرُواْ فَيُعَذِّبُهُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا وَلَا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّٗا وَلَا نَصِيرٗا} (173)

173- فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم ثواب أعمالهم ويزيدهم من فضله ، إكراماً وإنعاماً ، وأما الذين أَنِفُوا أن يعبدوه ، وترفعوا أن يشكروه فقد أعد لهم عذاباً شديد الإيلام ، لن يدفعه عنهم معين ولن يمنعهم منه نصير .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فَيُوَفِّيهِمۡ أُجُورَهُمۡ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضۡلِهِۦۖ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسۡتَنكَفُواْ وَٱسۡتَكۡبَرُواْ فَيُعَذِّبُهُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا وَلَا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّٗا وَلَا نَصِيرٗا} (173)

{ فَأَمَّا الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزيدُهُمْ مِّن فَضْلِهِ } أى : أن مرجع العباد جميعا إلى الله من استكبر عن عبادته وامتنع ومن لم يفعل ذلك بل آمن وأطاع . فأما الذين آمنوا عملوا الأعمال الصالحات ، ولم يستنكفوا ولم يستكبروا ، فيسعطيهم - سبحانه - ثواب أعمالهم كاملة غير منقوصة ، ويزيدهم على ذلك شئنا عظيما من الرضا والفضل ومضاعفة الأجر .

{ وَأَمَّا الذين استنكفوا واستكبروا } عن عبادة الله وطاعته { فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } لا يحيط به الوصف { وَلاَ يَجِدُونَ لَهُمْ مِّن دُونِ الله وَلِيّاً } أى أحدا يدافع عنهم ويلى أمورهم ، ولا يجدون كذلك " نصيرا " ينصرهم وينجيهم من عذاب الله وبأسه .

وبعد هذا الوعد والوعيد والتبشير والإِنذار ، والترغيب والترهيب ، وجه - سبحانه - نداء عاما إلى الناس أمرهم فيه باتباع طريق الحق فقال - تعالى - { يَا أَيُّهَا الناس قَدْ جَآءَكُمْ بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَآ إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً } .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فَيُوَفِّيهِمۡ أُجُورَهُمۡ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضۡلِهِۦۖ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسۡتَنكَفُواْ وَٱسۡتَكۡبَرُواْ فَيُعَذِّبُهُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا وَلَا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّٗا وَلَا نَصِيرٗا} (173)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ فَأَمّا الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ فَيُوَفّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزيدُهُمْ مّن فَضْلِهِ وَأَمّا الّذِينَ اسْتَنكَفُواْ وَاسْتَكْبَرُواْ فَيُعَذّبُهُمْ عَذَاباً أَلُيماً وَلاَ يَجِدُونَ لَهُمْ مّن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً } . .

يعني جلّ ثناؤه بذلك : فأما المؤمنون المقرّون بوحدانية الله ، الخاضعون له بالطاعة ، المتذللون له بالعبودية ، والعاملون الصالحات من الأعمال ، وذلك أن يردوا على ربهم ، قد آمنوا به وبرسله ، وعملوا بما أتاهم به رسله من عند ربهم ، من فعل ما أمرهم به ، واجتناب ما أمرهم باجتنابه فَيُوَفّيهِمْ أُجُورَهُم يقول : فيؤتيهم جزاء أعمالهم الصالحة وافيا تاما . وَيَزِيُدهُمْ مِنْ فَضْلِهِ يعني جلّ ثناؤه : ويزيدهم على ما وعدهم من الجزاء على أعمالهم الصالحة والثواب عليها من الفضل والزيادة ما لم يعرّفهم مبلغه ولم يحدّ لهم منتهاه . وذلك أن الله وعد من جاء من عباده المؤمنين بالحسنة الواحدة عشر أمثالها من الثواب والجزاء ، فذلك هو أجر كل عامل على عمله الصالح من أهل الإيمان المحدود مبلغه ، والزيادة على ذلك تفضل من الله عليهم ، وإن كان كل ذلك من فضله على عباده غير أن الذي وعد عباده المؤمنين أن يوفيهم فلا ينقصهم من الثواب على أعمالهم الصالحة ، هو ما حدّ مبلغه من العشر ، والزيادة على ذلك غير محدود مبلغها ، فيزيد من شاء من خلقه على ذلك قدر ما يشاء ، لا حدّ لقدره يوقف عليه . وقد قال بعضهم : الزيادة إلى سبعمائة ضعف . وقال آخرون : إلى ألفين . وقد ذكرت اختلاف المختلفين في ذلك فيما مضى قبل بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .

وقوله : وأمّا الّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فإنه يعني : وأما الذين تعظموا عن الإقرار لله بالعبودة والإذعان له بالطاعة ، واستكبروا عن التذلل لألوهته وعبادته وتسليم الربوبية والوحدانية له . فَيُعَذّبُهُمْ عَذَابا ألِيما يعني : عذابا موجعا . وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللّهِ وَلِيمّا وَلا نَصِيرا يقول : ولا يجد المستنكفون من عبادته والمستكبرون عنها إذا عذبهم الله الأليم من عذابه سوى الله لأنفسهم وليا ينجيهم من عذابه وينقذهم منه . ولا نصيرا : ولا ناصرا ينصرهم ، فيستنقذهم من ربهم ، ويدفع عنهم بقوّته ما أحلّ بهم من نقمته ، كالذي كانوا يفعلون بهم إذا أرادهم غيرهم من أهل الدنيا في الدنيا بسوء من نصرتهم والمدافعة عنهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فَيُوَفِّيهِمۡ أُجُورَهُمۡ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضۡلِهِۦۖ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسۡتَنكَفُواْ وَٱسۡتَكۡبَرُواْ فَيُعَذِّبُهُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا وَلَا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّٗا وَلَا نَصِيرٗا} (173)

وبين الله تعالى أمر المحشورين ، فأخبر عن المؤمنين العاملين بالصالحات ، أنه «يوفيهم أجورهم » حتى لا يبخس أحد قليلاً ولا كثيراً ، وأنه يزيدهم من فضله ، وتحتمل هذه الزيادة أن تكون المخبر عنها في أن الحسنة بعشر إلى سبعمائة ضعف ، ويحتمل أن يكون التضعيف الذي هو غير مصرد محسوب{[2]} ، وهو المشار إليه في قوله تعالى : { والله يضاعف لمن يشاء } [ البقرة : 261 ] .

{ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنكَفُواْ وَاسْتَكْبَرُواْ فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلُيمًا وَلاَ يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا }

هذا وعيد للمستنكفين الذين يدعون عبادة الله أنفة وتكبراً ، وهذا الاستنكاف إنما يكون من الكفار عن اتباع الأنبياء وما جرى مجراه ، كفعل حيي بن أخطب وأخيه أبي ياسر بمحمد عليه السلام ، وكفعل أبي جهل وغيره ، وإلا فإذا فرضت أحداً من البشر عرف الله تعالى ، فمحال أن تجده يكفر به تكبراً عليه ، والعناد المجوز إنما يسوق إليه الاستكبار عن البشر ، ومع تقارب المنازل في ظن المتكبر .


[2]:- ولم يكن الله ليمتن على رسوله بإيتائه فاتحة الكتاب وهو بمكة، ثم ينزلها بالمدينة، ولا يسعنا القول بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بمكة بضع عشرة سنة يصلي بلا فاتحة الكتاب، هذا ما لا تقبله العقول، قاله الواحدي. وقوله تعالى: (ولقد آتيناك...) هو من الآية رقم (87) من سورة الحجر.