الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فَيُوَفِّيهِمۡ أُجُورَهُمۡ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضۡلِهِۦۖ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسۡتَنكَفُواْ وَٱسۡتَكۡبَرُواْ فَيُعَذِّبُهُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا وَلَا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّٗا وَلَا نَصِيرٗا} (173)

" فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله " إلى قوله : " نصيرا " . وأصل " يستنكف " نكف ، فالياء والسين والتاء زوائد ؛ يقال : نكفت من الشيء واستنكفت منه وأنكفته أي نزهته عما يستنكف منه ، ومنه الحديث سئل عن " سبحان الله " فقال : ( إنكاف الله من كل سوء ) يعني تنزيهه وتقديسه عن الأنداد والأولاد . وقال الزجاج : استنكف أي أنف مأخوذ من نكفت الدمع إذا نحيته بإصبعك عن خدك ، ومنه الحديث ( ما ينكف العرق عن جبينه ) أي ما ينقطع ؛ ومنه الحديث ( جاء بجيش لا ينكف آخره ) أي لا ينقطع آخره . وقيل : هو من النكف وهو العيب ، يقال : ما عليه في هذا الأمر{[5185]} نكف ولا وكف أي عيب : أي لن يمتنع المسيح ولن يتنزه من العبودية ولن ينقطع عنها ولن يعيبها .


[5185]:في ج: من نكف.