الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فَيُوَفِّيهِمۡ أُجُورَهُمۡ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضۡلِهِۦۖ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسۡتَنكَفُواْ وَٱسۡتَكۡبَرُواْ فَيُعَذِّبُهُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا وَلَا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّٗا وَلَا نَصِيرٗا} (173)

قوله تعالى : { فَأَمَّا الَّذِينَ } : قد تقدَّم الكلامُ على نظيرتها . ولكن هنا سؤالٌ حسن قاله الزمخشري وهو : " فإن قلت : التفصيل غيرُ مطابق للمفصَّل ، لأنه اشتمل على الفريقين ، والمفصَّل على فريق واحد . قلت : هو مثلُ قولك : " جَمَعَ الإِمام الخوارج : فمن لم يخرج عليه كساه حُلَّةً ومَنْ خرج عليه نَكَّل به " وصحةُ ذلك لوجهينِ ، أحدُهما : أنه يُحذف ذِكُر أحدِ الفريقين لدلالةِ التفصيل عليه ، ولأنَّ ذِكْرَ أحدهما يدل على ذكرِ الثاني كما حذف أحدَهما في التفصيل في قوله عقيب هذا : { فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُواْ بِهِ } والثاني : وهو أن الإِحسان إلى غيرهم ما يَغُمُّهم فكان داخلاً في جملة التنكيل بهم ، فكأنه قيل : ومن يستنكفْ عن عبادتِه ويستكبرْ فسيعذُبهم بالحسرة إذا رأوا أجور العاملين وبما يصيبهم من عذاب الله " انتهى . يعني بالتفصيل قولَه : " فأما " و " أما " وقد اشتمل على فريقين أي : المثابين والمعاقبين ، وبالمفصَّل قولَه قبل ذلك : " ومَنْ يستنكف " ، ولم يشتمِلْ إلا على فريق واحد هم المعاقبون .