ثم قص عليه ما رآه فقال : { إِنِّي وَجَدتُّ امرأة تَمْلِكُهُمْ } والمراد بهذه المرأة : بلقيس بنت شراحيل بن مالك بن ريان . . . ورثت الملك عن أبيها .
أى : إنى وجد قبيلة سبأ تحكمها امرأة ، وتتصرف فى أمورهم دون أن يعترض عليها معترض ، أو ينافسها منافس .
وقوله { وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ } معطوف على ما قبله . أى : وبين يديها جميع الأشياء التى تحتاجها لتصريف شئون مملكتها ، والمحافظة على قوتها واستقرارها . . .
وفضلاً عن كل ذلك { وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ } أى : لها سرير ملك فخم ضخم يدل على غناها وترفها ، ورقى مملكتها فى الصناعة وغيرها .
القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّي وَجَدتّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ * وَجَدتّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشّمْسِ مِن دُونِ اللّهِ وَزَيّنَ لَهُمُ الشّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدّهُمْ عَنِ السّبِيلِ فَهُمْ لاَ يَهْتَدُونَ } .
يقول تعالى مخبرا عن قيل الهدهد لسليمان مخبرا بعذره في مغيبه عنه : إنّي وَجَدْتُ امْرأةً تَمْلِكُهُمْ يعني تملك سبأ ، وإنما صار هذا الخبر للهدهد عذرا وحجة عند سليمان ، درأ به عنه ما كان أُوعد به ، لأن سليمان كان لا يرى أن في الأرض أحدا له مملكة معه ، وكان مع ذلك صلى الله عليه وسلم رجلاً جُبّب إليه الجهاد والغزو ، فلما دله الهدهد على ملك بموضع من الأرض هو لغيره ، وقوم كفرة يعبدون غير الله ، له في جهادهم وغزوهم الأجر الجزيل ، والثواب العظيم في الاَجل ، وضمّ مملكة لغيره إلى ملكه ، حقّت للهدهد المعذرة ، وصحّت له الحجة في مغيبه عن سليمان .
وقوله : وأُوتِيَتْ مِنْ كُلّ شَيْءٍ يقول : وأوتيت من كلّ شيء يؤتاه الملك في عاجل الدنيا مما يكون عندهم من العتاد والاَلة . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن أبي عُبَيدة الباجي ، عن الحسن ، قوله : وأُوتِيَتْ مِنْ كُلّ شَيْءٍ يعني : من كل أمر الدنيا .
وقوله ولَهَا عَرْشٌ عَظيمٌ يقول : ولها كرسي عظيم . وعُني بالعظيم في هذا الموضع : العظيم في قدره ، وعظم خطره ، لا عظمه في الكبر والسعة . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس ، قوله وَلهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ قال : سرير كريم ، قال : حَسن الصنعة ، وعرشها : من ذهب قوائمه من جوهر ولؤلؤ .
قال : ثني حجاج ، عن أبي عُبيدة الباجي ، عن الحسن ، قوله : ولَهَا عَرْشٌ عَظيمٌ : يعني سرير عظيم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.