قوله : { إِنِّي وَجَدتُّ امرأة تَمْلِكُهُمْ } لما قال الهدهد لسليمان : { وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ } ، قال سليمان : وما ذاك ؟ قال : { إِنِّي وَجَدتُّ امرأة تَمْلِكُهُمْ } وكان اسمها بلقيس بنت شراحيل ، وكان أبوها ملك أرض اليمن من نسل يعرب بن قحطان ، وكان ملكاً عظيم الشأن ، وكان يقول لملوك الأطراف : ليس أحد منكم كفؤاً لي ، وأبى أن يتزوج منهم فزوجوه امرأة من الجن يقال لها : ريحانة بنت السكن ، فولدت له بلقيس ولم يكن له ولد غيرها ، وفي الحديث : «إن أحد أبوي بلقيس كان جنِّياً » وكانت هي وقومها مجوساً يعبدون الشمس{[38657]} ، والضمير في «تملكهم » راجع إلى «سبأ » ، فإن أريد به القوم فالأمر ظاهر ، وإن أريد المدينة فمعناه : تملك{[38658]} أهلها{[38659]} ، ( قال عليه السلام لما بلغه أن أهل فارس قد ملكوا عليهم بنت كسرى : «لن يفلح قوم ولَّوْا أمرهم امرأة » ){[38660]} {[38661]} .
قوله : { وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ } يجوز أن يكون معطوفاً على «تَمْلِكُهُمْ » ، وجاز عطف الماضي على المضارع ، ( لأن المضارع ){[38662]} بمعناه ، أي : ملكتهم ، ويجوز أن يكون في موضع نصب على الحال من مرفوع «تملكهم » . و «قَدْ » معها مضمرة{[38663]} عند من يرى ذلك .
وقوله : { مِن كُلِّ شَيْءٍ } عام مخصوص بالعقل ؛ لأنها لم تؤت ما أوتيه سليمان . قوله : «وَلَهَا عَرْشٌ » يجوز أن تكون هذه جملة مستقلة بنفسها سيقت للإخبار بها ، وأن تكون معطوفة على «أُوتِيَتْ » ، وأن تكون حالاً من مرفوع «أُوتِيَتْ » ، والأحسن أن يجعل الحالَ الجارُّ ، «وعَرْشٌ » مرفوع به ، وبعضهم يقف على «عَرْشٌ » ويقطعه عن نعته . قال الزمخشري : ومن نَوْكى{[38664]} القُصَّاصِ من يقف على قوله : «وَلَهَا عَرْشٌ » ، ثم يبتدئ ، «عَظِيمٌ وَجَدْتها » ، يريد : أمرٌ عظيم أَنْ وجدتها ، فرَّ من استعظام الهدهد عرشها ، فوقع في عظيم ، وهي مسخ كتاب الله{[38665]} .
قال شهاب الدين : النَّوكَى : الحمقى جمع أَنْوَك وهذا الذي ذكره من أمر الوقف نقله الدّاني{[38666]} عن نافع{[38667]} وقرره أبو بكر بن الأنباري ورفعه إلى بعض أهل العلم{[38668]} ، فلا ينبغي أن يقال ( نَوْكَى القُصَّاص ) ، وخرجه الداني على أن يكون «عَظِيمٌ » مبتدأ ، و «وَجَدْتُهَا » الخبر{[38669]} ، وهذا خطأ ، كيف يبتدئ بنكرة من غير مسوِّغ ، ويخبر عنها بجملة لا رابط بينها وبينه ، والإعراب ما قاله الزمخشري من أن عظيماً{[38670]} صفة لمحذوف خبراً مقدماً ، و «وَجَدْتُهَا » مبتدأ مؤخراً مقدراً معه حرف مصدري أي : أمر عظيم وجداني إياها وقومها غير عابدي الله{[38671]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.