فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِنِّي وَجَدتُّ ٱمۡرَأَةٗ تَمۡلِكُهُمۡ وَأُوتِيَتۡ مِن كُلِّ شَيۡءٖ وَلَهَا عَرۡشٌ عَظِيمٞ} (23)

{ إِنّي وَجَدتُّ امرأة تَمْلِكُهُمْ } وهي بلقيس بنت شرحبيل ، وجدها الهدهد تملك أهل سبأ ، والجملة هذه كالبيان ، والتفسير للجملة التي قبلها : أي ذلك النبأ اليقين هو كون هذه المرأة تملك هؤلاء { وَأُوتِيَتْ مِن كُلّ شَيْء } فيه مبالغة ، والمراد أنها أوتيت من كلّ شيء من الأشياء التي تحتاجها .

وقيل المعنى : أوتيت من كلّ شيء في زمانها شيئاً ، فحذف شيئاً لأن الكلام قد دلّ عليه { وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ } أي سرير عظيم ، ووصفه بالعظم ؛ لأنه - كما قيل - كان من ذهب طوله ثمانون ذراعاً ، وعرضه أربعون ذراعاً ، وارتفاعه في السماء ثلاثون ذراعاً مكلل بالدر والياقوت الأحمر والزبرجد الأخضر . وقيل المراد بالعرش هنا الملك ، والأوّل أولى لقوله : { أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا } قال ابن عطية : واللازم من الآية أنها امرأة ، ملكة على مدائن اليمن ذات ملك عظيم وسرير عظيم ، وكانت كافرة من قوم كفار .

/خ26