المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب  
{وَٱلصَّـٰٓفَّـٰتِ صَفّٗا} (1)

مقدمة السورة:

بدأت هذه السورة بالقسم بطوائف من خلق الله لها صفة والزجر والتلاوة على أن الله واحد ، والآيات شاهدة بذلك ، فهو رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق ، الذي زين السماء الدنيا بالكواكب ، وجعلها محفوظة من كل مارد خارج عن طاعة الله . وبعد تقرير عقيدة التوحيد أتبعت ذلك بتقرير عقيدة البعث ، وهددت المرتابين فيه بأنه سيفاجئهم وهم ينظرون ، وساقت أدلة إمكانه وسهولة وقوعه ، وهم يرونه يقولون : هذا يوم الدين ، ويقال لهم : هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون . ويحشر فيه الظالمون وما كانوا يعبدون ، ويسألون ويتحاجون ، ويحمل بعضهم بعضا إثم ما أصابه ، وهم جميعا في العذاب مشتركون ، فقد استكبروا عن توحيد الله ، ورموا رسولهم بالخبال والجنون ، مع أنه جاءهم بالحق ، وصدق المرسلين فيما جاءوا به عن الله . والمؤمنون المخلصون يمتعون بأنواع النعيم ، ويتذكرون نعم الله ، ويطلعون على قرناء السوء فيرونهم في سواء الجحيم ، فيحمدون لله نعمة عصمتهم ونجاتهم من دعوتهم . وبعد ذلك أخذت السورة تصف منازل الظالمين ومنازل المؤمنين ، وأتبعت ذلك بسرد أخبار المرسلين تسلية لرسول الله وعظة لقومه الجاحدين . وتذكر بعض قصص تعددت وقائعه واختلفت أزمانه وأشخاصه بين فيه منزلة الرسالة والمرسلين ونقضت السورة مزاعم المشركين من أن لله البنات ولهم البنون ، وأنه جعل الملائكة إناثا ، وأن بين الرسول وبين الجنة نسبا تنزه الله عما يصفون وعباده هم المنصورون ، وجنده هم الغالبون ، وعذابه يسيء صباح المنذرين ، وختمت السورة بتنزيه رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين .

1- أُقسم بطوائف من خلقي ، تصطف بنفسها صفا مُحكماً في مقام العبودية والانقياد .