تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{وَقُلۡنَا مِنۢ بَعۡدِهِۦ لِبَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ ٱسۡكُنُواْ ٱلۡأَرۡضَ فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ ٱلۡأٓخِرَةِ جِئۡنَا بِكُمۡ لَفِيفٗا} (104)

{ وقلنا من بعده } ، يعنى من بعد فرعون ، { لبني إسرائيل } ، وهم سبعون ألفا من وراء نهر الصين معهم التوراة : { اسكنوا الأرض } ، وذلك من بعد موسى ، ومن بعد يوشع بن نون ، { فإذا جاء وعد الآخرة } ، يعنى ميقات الآخرة ، يعنى يوم القيامة ، { جئنا بكم } وبقوم موسى ، { لفيفا } آية ، يعنى جميعا .

فهم وراء الصين ، فساروا من بيت المقدس في سنة ، ونصف سنة ، ستة آلاف فرسخ ، وبينهم وبين الناس نهر من رمل يجري ، اسمه : أردف ، يجمد كل سبت ، وذلك أن بني إسرائيل قتلوا الأنبياء ، وعبدوا الأوثان ، فقال المؤمنون : منهم اللهم فرق بيننا وبينهم ، فضرب الله عز وجل سربا في الأرض من بيت المقدس إلى وراء الصين ، فجعلوا يسيرون فيه ، يفتح أمامهم ويسد خلفهم ، وجعل لهم عمودا من نار ، فأنزل الله عز وجل عليهم المن والسلوى ، كل ذلك في المسير ، وهم الذين ذكرهم الله عز وجل في الأعراف : { ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون } [ الأعراف :150 ] .

فلما أسرى بالنبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة ، أتاهم فعلمهم الأذان ، والصلاة ، وسورا من القرآن ، فأسلموا ، فهم القوم المؤمنون ، ليست لهم ذنوب ، وهم يجامعون نساءهم بالليل ، وأتاهم جبريل عليه السلام ، مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فسلموا عليه قبل أن يسلم عليهم ، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : لولا الخطايا التي في أمتك لصافحتهم الملائكة .