غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَدَخَلَ جَنَّتَهُۥ وَهُوَ ظَالِمٞ لِّنَفۡسِهِۦ قَالَ مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَٰذِهِۦٓ أَبَدٗا} (35)

27

ثم إن الكافر كأنه أخذ بيد المسلم يطوف به في الجنتين ويريه ما فيهما ويفاخره بما ملك من المال دونه وذلك قوله سبحانه { ودخل جنته } فقال جار الله : معنى أفراد الجنة بعد التثنية أنه لا نصيب له في الجنة التي وعد المؤمنون ، فما ملكه في الدنيا هو جنته لا غير ولم يقصد الجنتين ولا واحدة منهما . قلت : لا يبعد أن يكون قد دخل مع أخيه جنة واحدة منهما أو جعل مجموع الجنتين في حكم جنة واحدة منهما يؤيده توحيد الضمير على أكثر القراآت في قوله : { لأجدن خيراً منها } وإنما وصفه بقوله : { وهو ظالم لنفسه } لأنه لما اغتر بتلك النعم ولم يجعلها وسيلة إلى الإيمان بالله والاعتراف بالبعث وسائر مقدورات الله كان واضعاً للنعم في غير موضعها ، على أن نعمة الجنة بخصوصها مما يجب أن يستدل بها على أحوال النشور كقوله عز من قائل : { وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج } [ الحج : 5 ] عكس الكافر القضيتين زعم دوام جنته التي هي بصدد الزوال قائلاً { ما أظن أن تبيد } أي تهلك { هذه } الجنة { أبداً } وذلك لطول أمله واستيلاء الحرص عليه واغتراره بالمهلة حتى أنكر المحسوس .

/خ46