غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّآ أَرۡسَلۡنَا ٱلشَّيَٰطِينَ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ تَؤُزُّهُمۡ أَزّٗا} (83)

66

وحيث بيّن مذاهب الفرق الضالة أراد أن يبين منشأها فقال : { ألم تر أنا أرسلنا } الآية . والأز الهز والتهييج . قالت : الأشاعرة : في الآية دلالة على أنه تعالى مريد لجميع الكائنات لأن قول القائل : " أرسلت فلاناً على فلان " يفيد أنه سلطه عليه منه قوله صلى الله عليه وسلم : " سم الله وأرسل كلبك عليه " ويؤيده قوله : { تؤزهم } أي تغريهم على المعاصي وتحثهم عليها بالوسواس والتسويلات . وقالت المعتزلة : أراد بهذا الإرسال التخلية بينهم وبينهم كما إذا لم يمنع الرجل من دخول بيت جيرانه . وحاصل كلامهم أنه أرسل الأنبياء وأرسل الشياطين ، ثم خلى بين المكلفين وبين الأنبياء والشياطين إلا أنه خص أولياءه بمزيد الألطاف حتى قبلوا قول الأنبياء ، ومنع أعداءه تلك الألطاف وهو المسمى بالخذلان فقبلوا قول الشياطين . ولما كان هذا الإرسال سبباً لهلاك الكفار عداه ب " على " لا ب " إلى " قلت : لا يخفى أن استناد الكل إلى الله تعالى فنزاع الفريقين لفظيّ أو قريب منه .

/خ98