ثم أجمل حال المؤمنين بما لا مزيد عليه في باب الكرامة قائلاً { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودّاً } أي سيحدث لهم في القلوب مودّة من غير ما سبب من الأسباب المعهودة كقرابة أو اصطناع وذلك كما يقذف في قلوب أعدائهم الرعب . والسين إما لأن السورة مكية وكان المؤمنون حينئذ ممقوتين بين الكفرة فوعدهم الله المودة بين الناس عند إظهار الإسلام ، وإما أن يكون ذلك يوم القيامة يحببهم إلى خلقه بما يعرض من حسناتهم . وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي : " يا عليّ قل اللَّهم اجعل لي عندك عهداً واجعل لي في صدور المؤمنين مودّة " ، فأنزل الله تعالى هذه الآية . وعن ابن عباس : يعني يحبهم الله ويحببهم إلى خلقه . وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل : " يا جبرائيل قد أحببت فلاناً فأحبه فيحبه جبريل ثم ينادي في أهل السماء : إن الله قد أحب فلاناً فأحبوه فيحبه أهل السماء ، ثم يوضع له القبول في الأرض " وعن قتادة : ما أقبل العبد إلى الله عز وجل إلا أقبل الله بقلوب العباد إليه . وعن كعب قال : مكتوب في التوراة : لا محبة لأحد في الأرض حتى يكون ابتداؤها من الله تعالى ينزلها على أهل السماء ثم على أهل الأرض ، وتصديق ذلك في القرآن { سيجعل لهم الرحمن ودّاً } هذا قول جمهور المفسرين . وعن أبي مسلم أن المراد أنه سهب لهم في الجنة ما يحبون ، واستعمال المصدر بمعنى المفعول كثير . وإنما صار إلى هذا القول لأن المسلم التقي يبغضه الكفار وقد يبغضه المسلمون أكثرهم ، وقد يحصل مثل هذه المحبة للكفار والفساق فيكونون مرزوقين بميل الناس إلى اختلاطهم ومحبتهم فكيف يمكن جعله إنعاماً في حق المؤمنين . وأيضاً إن محبتهم في قلوبهم من فعلهم لا من فعل الله ، فحمل الكلام على إعطاء المنافع به أولى . وأجيب بأن المراد محبة الملائكة والأنبياء والصالحين ومثل هذه لا تحصل للكافر والفاسق ، وبأنه محمول على فعل الألطاف وخلق داعية إكرامه في قلوبهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.