غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{لَّا يَمۡلِكُونَ ٱلشَّفَٰعَةَ إِلَّا مَنِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحۡمَٰنِ عَهۡدٗا} (87)

66

ويجوز أن ينتصب ب{ لا يملكون } . خص المتقون بالجمع إلى محل كرامة الرحمان وافدين . يقال : وفد فلان على الأمير وفادة أي ورد رسولاً فهو وافد والجمع وفد كصاحب وصحب .

والضمير في { لا يملكون } للمكلفين المذكورين بقسمهم وفاعله { من اتخذ } على البدلية لأنه في معنى الجمع . ويجوز أن تكون الواو علامة للجمع كالتي في " أكلوني البراغيث " فيكون { من اتخذ } فاعلاً والاستثناء مفرغاً . ويجوز أن ينتصب { من اتخذ } على الاستثناء أو على تقدير حذف المضاف أي إلا شفاعة . من اتخذه واختلف المفسرون في الشفاعة فقيل : لا يملكون أن يشفعوا لغيرهم . وقيل : لا يملك غيرهم أن يشفعوا لهم . واتخاذ العهد الاستظهار بالأيمان والعمل ، أو بكلمة الشهادة وحدها والأول يناسب أصول المعتزلة ، والثاني يناسب أصول الأشاعرة . وعن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه ذات يوم : " أيعجز أحدكم أن يتخذ كل صباح ومساء عند الله عهداً قالوا : وكيف ذلك ؟ قال : يقول كل صباح ومساء : اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة ، إني أعهد إليك في هذه الحياة بأني أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك له وأن محمداً عبدك ورسولك فلا تكلني إلى نفسي فإنك إن تكلني إلى نفسي تقربني من الشر وتباعدني من الخير ، وإني لا أثق إلا برحمتك فاجعل لي عندك عهداً توفينيه يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد ، فإذا قال ذلك طبع عليه بطابع ووضع تحت العرش ، فإذا كان يوم القيامة نادى مناد : أين الذي لهم عند الرحمان عهد فيدخلون الجنة " ويجوز أن يكون من عهد الأمير إلى فلان بكذا إذا أمره به أي لا يشفع إلا المأمور بالشفاعة المأذون له فيها كقوله : { وكم من ملك في السموات لا تغنى شفاعتهم شيئاً إلا من بعد أن يأذن الله } [ النجم : 26 ] .

/خ98