تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّآ أَرۡسَلۡنَا ٱلشَّيَٰطِينَ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ تَؤُزُّهُمۡ أَزّٗا} (83)

الآية 83 : وقوله تعالى : { ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا } قال بعضهم : { أرسلنا } أي سلطنا عليهم كقوله : { إنما سلطانه على الذين يتولونه } [ النحل : 100 ] .

وقال بعضهم : { أرسلنا الشياطين } أي قََيَّضْنَاهُم لهم كقوله : { ومن يعش عن ذكر الرحمان نقيض له شيطانا فهو له قرين } [ الزخرف : 36 ] فهما في الحقيقة واحد ؛ لأنه إذا أرسلهم اتصلوا بهم [ وإذا اتصلوا بهم ] {[12107]} قيضوا ، وقرنوا بعضهم ببعض .

وقال الحسن وأبو بكر الأصم وغيرهما : { أرسلنا الشياطين على الكافرين } أي خلينا بينهم وبينهم ، ولم نمنعهم منهم مما{[12108]} ذكر .

لكن لو كان تأويل الإرسال التخلية ، وتأويل التقييض كذلك لم يكن لتخصيص الكفار بذلك معنى{[12109]} إذ قد كان ذلك القدر من التخلية بينهم وبين المسلمين ، إن كان تأويل التخلية أنه لم يمنعهم منهم [ وأنه خلى ] {[12110]} بينهم .

فدل [ أن ] {[12111]} تخصيص الكفار بهذا وأمثاله ليس هو التخلية [ بل غيرها ] {[12112]} و أن تخصيص هؤلاء بهذا وأمثاله من قوله : { بل طبع الله عليها بكفرهم } [ النساء : 155 ] [ وقوله ] {[12113]} { وجعلنا على قلوبهم أكنة } [ الأنعام : 25 ، . . . ] ونحوه ، وأن هنالك{[12114]} من الله معنى في الكفار ، ليس ذلك في المؤمنين ، وفي المؤمنين معنى ليس في الكافرين . وهو ، والله أعلم : إذا علم في المؤمنين الرغبة والإجابة وفقهم على ذلك ، وهداهم . وإذا علم من الكفار خلاف ذلك وضده خذلهم ، وأضلهم . فذلك تخصيصه إياهم بما ذكر ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { تؤزهم أزا } قال بعضهم : تزعجهم إزعاجا . وقال بعضهم : تشلهم شلا ، وتغريهم إغراء . وقال الحسن : تحركهم تحريكا . وقال بعضهم : تقدمهم إقداما إلى الشر . وقال بعضهم : تأمرهم أمرا . وقال بعضهم : توقعهم إيقاعا ، ونحوه ، وكله واحد .


[12107]:ساقطة من الأصل وم.
[12108]:في الأصل وم: ما.
[12109]:في الأصل وم: المعنى.
[12110]:في الأصل وم: ولم يخل
[12111]:ساقطة من الأصل وم.
[12112]:في الأصل وم: لا غير.
[12113]:ساقطة من الأصل وم.
[12114]:أدرج قبلها في الأصل وم: كان.