فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَلَمۡ تَرَ أَنَّآ أَرۡسَلۡنَا ٱلشَّيَٰطِينَ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ تَؤُزُّهُمۡ أَزّٗا} (83)

{ ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين } ذكر الزجاج في معنى هذا وجهين : أحدهما أن معناه خلينا بين الكافرين وبين الشياطين فلم نعصمهم منهم ولم نعذهم ، بخلاف المؤمنين الذين قيل فيهم : { إن عبادي ليس لك عليهم سلطان } الوجه الثاني : أنهم أرسلوا عليهم وقيضوا لهم بكفرهم كما قال : { ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا } فمعنى الإرسال هنا التسليط ، ومن ذلك قوله سبحانه لإبليس : { واستفزز من استطعت منهم بصوتك } .

ويؤيد الوجه الثاني تمام الآية وهو قوله : { تؤزهم أزا } فإن الأز والأزيز والهز والهزيز والاستفزاز أخوات معناها التحريك والتهييج وشدة الإزعاج فأخبر الله سبحانه أن الشياطين تحرك الكافرين وتهيجهم وتغريهم على المعاصي بالتسويلات وتحبيب الشهوات ، وذلك هو التسليط لها عليهم .

وقيل معنى الأز الاستعجال وهو مقارب لما ذكرنا لأن الاستعجال تحريك وتهييج واستفزاز وإزعاج ، وسياق هذه الآية لتعجيب رسول الله صلى الله عليه وسلم من حالهم وللتنبيه على أن جميع ذلك بإضلال الشياطين وإغوائهم ، والجملة حالية من الشياطين ، أو من الكافرين أو منهما أو مستأنفة ، كأنه قيل ماذا تفعل الشياطين بهم ؟ .

قال ابن عباس : تؤزهم أزا تغويهم إغواء ، وتحرض المشركين على محمد وأصحابه وقال : تزعجهم إزعاجا إلى معاصي الله ، وفي الآية دليل على أن الله مدبر لجميع الكائنات