غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{إِذۡ تَمۡشِيٓ أُخۡتُكَ فَتَقُولُ هَلۡ أَدُلُّكُمۡ عَلَىٰ مَن يَكۡفُلُهُۥۖ فَرَجَعۡنَٰكَ إِلَىٰٓ أُمِّكَ كَيۡ تَقَرَّ عَيۡنُهَا وَلَا تَحۡزَنَۚ وَقَتَلۡتَ نَفۡسٗا فَنَجَّيۡنَٰكَ مِنَ ٱلۡغَمِّ وَفَتَنَّـٰكَ فُتُونٗاۚ فَلَبِثۡتَ سِنِينَ فِيٓ أَهۡلِ مَدۡيَنَ ثُمَّ جِئۡتَ عَلَىٰ قَدَرٖ يَٰمُوسَىٰ} (40)

جاءت أخت موسى عليه السلام واسمها مريم متنكرة فقالت { هل أدلكم على من يكفله } فجاءت بالأم فقبل ثديها وذلك قوله { فرجعناك إلى أمك } وقال في القصص

{ فرددناه إلى أمه } [ القصص : 13 ] تصديقاً لقوله { إنا رادوه إليك } [ القصص : 7 ] { كي تقر عينها } بلقائك { ولا تحزن } بسبب وصول لبن غيرها إلى معدتك { وقتلت } وأنت ابن اثنتي عشرة سنة { نفساً } هو القبطي الذي يجيء ذكره في القصص { فنجيناك من الغم } وهو اقتصاص فرعون منك . وقيل : الغم هو القتل بلغة قريش ، أو أراد بالغم خوف عقاب الله وذلك قوله { فاغفر لي فغفر له } [ القصص : 16 ] { وفتناك فتوناً } مصدر على " فعول " في المتعدي كالشكور والكفور ، أو جمع فتن كالظنون للظن ، أو جمع فتنة على ترك الاعتداد بتاء التأنيث كبدور في بدرة ، وحجوز في حجزة ، والقتنة المحنة والابتلاء بخير أو شر قال تعالى { ونبلوكم بالشر والخير فتنة }

[ الأنبياء : 35 ] وفيها معنى التخليص من قولهم " فتنت الذهب " إذا أردت تخليصه . عن سعيد بن جبير أنه سأل ابن عباس عن الفتون فقال : أي خلصناك من محنة بعد محنة . ولد في عام كان يقتل فيه الولدان ، وألقته أمه في البحر ، وهمّ فرعون بقتله ، وقتل قبطياً ، وأجر نفسه عشر سنين ، وضل الطريق ، وتفرقت غنمه في ليلة مظلمة ، وكان يقول عند كل واحدة فهذه فتنة يا ابن جبير . قال العلماء : لا يجوز إطلاق اسم الفتان على الله تعالى وإن جاء { وفتناك } لأنه صفة ذم في العرف وستجيء قصة لبثة في أهل مدين وأنه على ثمان مراحل من مصر في سورة القصص إن شاء العزيز . قوله { على قدر } أي في وقت سبق في قضائي وقدري أن أكلمك وأستنبئك فيه ، أو على مقدار من الزمان يوحى فيه إلى الأنبياء وهو رأس أربعين سنة ، أو على موعد قد عرفته بأخبار شعيب أو غيره .

/خ37