غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قَالَ عِلۡمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَٰبٖۖ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى} (52)

{ قال علمها عند ربي } ولا يتعلق غرضي بأحوالهم . ويجوز أن يكون الكلام قد انجر ضمناً أو صريحاً إلى إحاطة الله سبحانه بكل شيء فنازعه الكافر قائلاً : ما بال سوالف القرون في تمادي كثرتهم وتباعد أطرافهم كيف أحاط بهم وبأجزائهم وجواهرهم ؟ فأجاب بأن كل كائن محيط به علمه ولا يجوز عليه الخطأ والنسيان كما يجوز عليك أيها العبد الذليل والبشر الضئيل . وقوله { علمها عند ربي } مع قوله { في كتاب } لا يتنافيان ، بل المراد أنه تعالى عالم بجميع المغيبات مطلع على الكليات والجزئيات من أحوال الموجودات والمعدومات ، ومع ذلك فإن جميع الأحوال ثابتة في اللوح المحفوظ ثم كان لقائل أن يقول : لعلها أثبتت في اللوح لاحتمال الخطأ والنسيان فتدارك ذلك بقوله { لا يضل ربي ولا ينسى } قال مجاهد : هما واحد المراد أنه لا يذهب عنه شيء ولا يخفى عليه . والأكثرون على الفرق فقال القفال : الأول إشارة إلى كونه عالماً بالكل ، والثاني إشارة إلى بقاء ذلك العلم أي لا يضل عن معرفة الأشياء ، وما علم من ذلك لا ينساه ولا يتغير علمه ، يقال : ضللت الشيء إذا أخطأته في مكانه فلم تهتد له . وقال مقاتل : لا يخطىء ذلك الكتاب ربي ولا ينسى ما فيه . وقال الحسن : لا يخطىء وقت البعث ولا ينساه . وقال أبو عمر : ولا يغيب عنه شيء ولا يغرب عنه شيء . وقال ابن جرير : لا يخطىء في التدبير فيعتقد غير الصواب صواباً وإذا عرفه لا ينساه والوجوه متقاربة . والتحقيق ما قاله القفال . وعن ابن عباس : لا يترك من كفر حتى ينتقم منه ولا يترك من وحده حتى يجازيه .

/خ37